بلاغت غرب
بلاغة الغرب: أحسن المحاسن وغرر الدرر من قريض الغرب ونثره
ژانرونه
كلا فخليق بي أن أبتسم لأيامي المنكودة كما أنبأتك من قبل أيها الخيال، وإني أود أن أقص عليك بلا تأوه ما انتابني من الأماني والآلام والبحران
6
والزمان والمكان.
ففي ليلة على ما أذكر من تشرين الأول كئيبة قرة
7
هي وليلتنا هذه صنوان أو توأمان، وكانت رياحها تعصف بنغمة واحدة؛ فتحرك من رأسي التي أجهدها النصب ما سكن من مر الشجون والأتراح، وكنت مشرفا من النافذة منتظرا حبيبتي منصتا كأن على رأسي الطير في ظلام حالك؛ فجاش القلق بخاطري وساورتني الظنون والأوهام، حتى مثلت أمامي الخيانة، وكان الحي الذي أسكنه معتما قفرا لا يرى فيه إلا نفر قليل من السابلة
8
بأيديهم مصابيح.
وكان كلما هب النسيم من الباب يسمع له على بعد صوت أشبه بأنين إنسان، وما أدري كيف أعبر عما دار بخلدي من التشاؤم حتى غبت من القلق والحيرة عن الصواب. وأذكر أنه بقي لي مسكة من القوة فلما دقت الساعة اقشعررت وارتعدت فرائصي ولم تقبل بعد؛ فبقيت وحدي مطرق الرأس أسرح الطرف في الطريق، وإني لم أخبرك بعد بأية جرأة أضرمت هذه المرأة المتلونة في قلبي نار الحب؛ إذ كنت لا أحب غيرها في العالم ولا أستطيع أن أحيا بدونها يوما واحدا، فتمثل لي النحس بصورة أبشع من الموت، ولأفصم ما بيني وبينها من عرى الألفة والمحبة لم أدع في جعبة اللعن لفظا أو معنى للغدر والخيانة إلا ووسمتها به، وانتظمت أمام ناظري جميع المصائب التي رمتني بها فلم يفتني العد والحصر؛ فوا أسفا على ذكرى جمالها المشئوم! فكم سببت لي من بث وهم لم يلطفهما سلوان ولا عزاء.
فما عتم أن لاح الفجر وأنا منتظر بغير طائل ولا جدوى، وكنت بجانب الشرفة وقد داعب النعاس عيني فأغفيت، ثم صحوت فرأيت تباشير السحر، فرددت طرفي فجأة في أطراف الطريق الضيق؛ فسمعت وقع أقدام خفيفة فقلت: اللهم تداركني بقوتك، فإني أراها وهي عينها، فدخلت فقلت لها: من أين أقبلت وما فعلت الليلة؟
ناپیژندل شوی مخ