بکائیات: ست ډمعات په عربی نفس
بكائيات: ست دمعات على نفس عربية
ژانرونه
سألت في حسرة: أولا يبقى شيء؟ هل الإنسان مجرد إنسان؟
قال في حدة ممثل ينهي آخر فصل في المأساة: لن يبقى إلا من حول نهر حياة الإنسان، ووقف بوجه الظلم الزاحف كالطوفان، أما التجريد ...
سألت: التجريد؟
قال: حاذر سم العقرب.
سألت بلهفة، وأنا أحرك قدمي في كل اتجاه خشية أن يكون العقرب قريبا مني. لم يتركني في ارتباكي، فقال: يلدغ صاحبه، فيعيش ويمشي بين الناس كميت في الأكفان، لدغ العقرب لا يشفي منه إلا سم العقرب.
ابتهلت إليه أن يفسر كلامه: ماذا تعني يا مولاي؟
قال وهو يسدل الستار ويسحب الغطاء: أعني ما قلت، عانق جسد الواقع، عض الحاضر بالأسنان!
سكت الصوت. على الشعاع الذابل في المساء، المتسلل في حياء من السقف والنوافذ مع آخر أنفاس الشفق الوردية رأيتهم هناك، متراصين كالتماثيل التي تحركت ثم سكنت، ملتحمين كأنهم جدار قلعة عتيقة في وجه الحصار. حياة متعبة، حفر عليها الزمن أخاديده، شعور مسدلة، ووجوه كالأقنعة الراقدة في انتظار المهرجان، يشع الجمال الحزين من بعضها كأنوار فنار وسط أمواج الليل والبحر، وتطل القتامة من بعضها الآخر كلعنات الشيخوخة، بعضها مستسلم راض، وبعضها ساخط مزموم الشفتين، حرص قبيل الموت على أن ينقش آخر حرف في لغة السخط على هذا العالم. رحت أملأ عيني منهم سنين أضعتها مع هذا، وشهورا في صحبة ذاك. أما الجالس غير بعيد منه، فما زلت أمني النفس لعلي أعرفه، وأحاوره وأزور الدار، والآخر في الصف الثاني، والثالث والرابع والخامس. لكن هل يتسع الصدر؟ أتمد عذارى القدر الساخر في خيط العمر؟!
صوت الأم ووجه الأم
هبت عاصفة، لا أدري من أين ارتجت النوافذ والستائر، وخشخشت الجماجم تحت العرش، سقطت أوراق فوق الأرض وارتجف القلب، كانت الشجرة العجوز قد اهتزت وترنحت، واستسلمت الأغصان المتدلية كأذرع الخاشعين في الصلاة لهبات الريح، ترنحت رءوسها بعنف، أخذت تقاوم في إصرار المهزوم، وتناثرت الأوراق على جانبي العرش فوق رءوس الحكماء أوراق خريف صفراء. تقدمت وخطوت بضع خطوات نحوها. انحنيت وأخذت أجمعها في بقعة واحدة. ربي! لم ترتجف يداي، كأني ألمس أشلاء متمزقة من جثمان؟ لم تسري الرعدة من كفي لذراعي للصدر، وتنفذ في القلب، فيخفق كالمجنون؟ تذكرت الحشرات التي تبتر أعضاء من جسمها، فتتركها وتمضي. هل تتلفت وراءها لتتحسسها وتدفق فيها، هل تحاول أن تعيدها لمكانها أم تشمها وتلعب بها؟ وبماذا تشعر أم تنظر في وجوه أولادها الذين يموتون أمام عينيها؟ هل خلقت لغة تستوعب هذا الموقف، وتعبر عن هذا الإحساس؟ أخذ الصدر يرتج كباب يطرقه الزوار الملثمون في الليل، مرت أصابعي على الأوراق تتحسس ملمسها، تتذوقها وتشمها، وتضعها على الأذن، كأنها قواقع تفشي سر البحر، وتهمس بنجوى الأمواج، وصل الشلال إلى حنجرتي، تسلق أحبال الرقبة، ثم تفجر وتناثر من عيني، بللت الدمعات خدود الأوراق، انساب بكاء الناي من الجدران، هذا تعب العمر ورق مصفر، ورق مصفر، ثمر مر، ثمر مر. كنت كأني المحكوم عليه بأن ينضح ماء من بئر ليصب ببئر، لا البئر امتلأ، ولا انطفأ الظمأ الحارق كالجمر، تعب العمر، تعب العمر. تبدو الأوراق، الكلمات، كأسراب النمل الخارج من جحر. تشعر بالزلزلة القادمة على نور الفجر، فتعاف جحور الكلمة، وكهوف الشعر، وتزور كهوف الفقراء، وتلسعهم بالسر، وتفتش عن مأواها في بيت العمل الحر! تعب العمر. - تتعب وحدك، تبكي وحدك، وتنام كما ودعتك وحدك، كجنين في جوف الرحم فلا تتحرك.
ناپیژندل شوی مخ