بکائیات: ست ډمعات په عربی نفس
بكائيات: ست دمعات على نفس عربية
ژانرونه
أتلفت حولي، أنشق أنفاس البحر كسمكة يعيدها الصيادون للماء، بعد أن جفت على اليابسة. إلى اليمين صخرة سوداء، داكنة الحجر، ناتئة التجاعيد. أمعن النظر فأرى نسرا يعلوها، كتلة عابسة لا تتميز عنها. بين الحين والحين يرف جناحاه ويهبطان. عيناه جمرتان، أيسلطهما علي؟ إلى اليسار، بعيدا عنا بقليل، أراها ترقد ساكنة، آمنة في ضوء القمر، تحرك شدقيها وتمضغ بسلام. أشد رفيقي من كمه. أهمس له: بقرة؟ ماذا جاء بها؟ لا عشب على الشط ولا مرعى. ماذا تجتر؟ يغرق الصبي في صمته، تخرج الضحكة كالغصة: تجتر الذكرى! - هيا نتجه إليها. هذا ما قالوه. أعطوني أيضا مرآة. - مرآة؟ لا تنس الباروكة أيضا. - لا تهزل. لسنا في عرس. - هل نحن بمأتم؟
يعود لصمته، يتقدم نحو البقرة بهدوء، ما زالت تحرك فكيها وتجتر في سلام. لا يبدو عليها أنها تنتبه لوجودها أو للبحر الممتد وراء ظهورها. لن يخطر ببالها أن ترفع رأسها لترى القمر الحالم فوقها. غارقة في نفسها، غائبة عن العالم كله. عن الأرض التي ترقد عليها، عن الواقفين أمامها. ربما كانت غائبة، حتى عن لذة العشب الذي تجتره. في عينيها السوداوين الواسعتين بحيرة رضا واستسلام. أهتف في غضب: هل جئنا البحر لنشهد بقرة! البحر يحب العري، ألا نتعرى؟ - اسكت. حذرتك ألا تهزل، ها هم يأتون. - لا أدري أين أطلوا، كيف تلاقوا، هل ينشق البحر أم الأرض، ويخرج منها المردة، عملاق أسود، ثلاثة، خمسة، غربان سود في هيئة بشر يتقدمون نحونا. كلما ظهرت ملامح وجوههم ذعر القلب كفأر يرتجف أمام القط. نسخ واحدة من صنم واحد، يتحرك في بطء، شعر أسود، جلد أسود، سترة صدر سوداء، وسروال أسود، ربطة عنق سوداء ثبت فيها تكشيرة وجه قاس أسود. أرتعد وأبحث فيهم عن أجنحة سوداء، ذيول سود، قرون أو منقار أسود. يتحرك جبل الليل الأسود، يفتح فمه، يخرج منه الرعد الأسود. - المرآة.
ترتعش يد الصبي، وهو يمدها إليهم بالمرآة. مرآة صغيرة، منقوشة الأطراف بزخارف خشبية عليها ورد وأوراق شجرة مذهبة، تنطلق الغضبة منهم كزئير الأسد الجائع. - أحمق، وحرام فيك المأكل والمشرب.
يتلوى الصبي، ويحني رأسه: مولاي، سادة قدري، أخطأت، فماذا أفعل؟
يتلفتون لبعضهم ويضحكون. رعد وصواعق وممنون: ماذا يفعل؟ ماذا يفعل؟
ويصرخون بفم واحدة: يا حشرة. اسحبه من أذنيه وقرب وجهه من وجه البقرة.
يتقدم مني، ينظر في عيني، لم يجبره شيء أن يسحبني من أذني؛ فأنا أخطو نحو البقرة، وأقرب منها عيني ووجهي. يضع المرآة أمام البقرة، لا يطرف في عينيها رمش. تمضغ بسلام. - انظر وجهك!
لا أتكلم. أردت أن أقول الأمر مطاع يا سادة، أرتجع ولا أعرف ذنبي. - منذ سنين ولم تر وجهك، تنظر في المرآة، وتحلق ذقنك، وتسوي شعرك، لكن لا تبصر وجهك. حان الوقت فهيا، ثبت قلبك.
أغمض عيني وأفتحهما. الصبي بجانبي يسلط المرآة على وجه البقرة، ثم يسلطها على وجهي، أتطلع فيها، كيف أصدق؟ هل هذا وجهي؟ أتلفت نحو البقرة، نفس السحنة، نفس الجبهة والشفتين، نفس العينين الصافيتين. أتحسس فكي. يتحرك، يمضغ يرتفع ويهبط، تتأملني عينا البقرة، أتأمل عيني في المرآة، نفس النظرة، نفس الحسرة، نفس الحيرة في قاع بحيرة. أفيق على صوت الرعد: أعرفت الآن؟
يشيرون للصبي فيميل جانبا، يمدون إليه يدا واحدة، فيستجيب بحركة سريعة. يخرج من صدره سكينا لامعة. يحس وحشتي والكلمات التي لم أقلها: الناي مع السكين؟ يأخذونها ويختلس نظرة إلي ويهمس: إني معك فلا تحزن. هي للبقرة.
ناپیژندل شوی مخ