(واعلم): أنه ورد على القول بالنسخ سؤال، وهو أن الأدلة في إباحتها قطعية؛ لأنها إما من القرآن وهو قطعي، أو من السنة وقد بلغت حد التواتر المعنوي، ولا قائل بإنكارها من الأصل، واختلفت أقوال العلماء في جوابه.
فقال الإمام يحيى: إباحتها ظنية لثبوتها بأخبار الآحاد، فيجوز نسخها بأخبار الآحاد، وفيه نظر، إذ قد حصل من مجموع أدلة الإباحة ما يفيد التواتر معنى، كما يجده الباحث مع ما يعضده من الآية الكريمة على قول من حملها على نكاح المتعة، إلا أنه يقال في الآية: إنها وإن كانت قطعية المتن، فهي ظنية الدلالة، ولذا اختلفت فيها أقوال المفسرين، فالنسخ للدلالة لا للمتن، وهو الذي روي عن ابن عباس وغيره.
ومنها ما ذكره الموزعي في التخلص عن هذا الإشكال وهو: أن السنة مبينة للناسخ، لا ناسخة القرآن كما سبق نقله، وقال في نهاية المجتهد: "إنها تواترت الأخبار بالتحريم، إلا أنها اختلفت في الوقت الذي وقع فيه التحريم". انتهى.
وفيه أنه ليس من الاختلاف في شيء، بل مما تكرر فيه التحريم
والإباحة كما عرفته، ومحل النزاع في التحريم الأخير المؤبد هل نقل تواترا أم لا؟.
[كلام الإمام المؤيد بالله عليه السلام في نسخ الخبر الآحادي للمعلوم، واستدلاله]
وقال المؤيد بالله: الأصل في خبر الواحد أنه مقبول إذا سلم سنده، ولا يمتنع أن ينسخ به ما هو معلوم، كما يقبل خبر الواحد فيما يحظره العقل، وفي حظر ما أباحه، وكما يقبل في استباحة الفروج مع أن حظرها معلوم على الجملة شرعا، واختار ذلك من المتأخرين المحققان الجلال والمقبلي، وهو مذهب الظاهرية.
مخ ۱۸