91

بحر محیط

البحر المحيط في أصول الفقه

خپرندوی

دار الكتبي

شمېره چاپونه

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

فقه
اصول فقه
وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁: مَنْ شَاهَدَ رَضِيعًا قَدْ الْتَقَمَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ، وَرَأَى مِنْهُ آثَارَ الِامْتِصَاصِ، وَحَرَكَةَ الْغَلْصَمَةِ لَمْ يَسْتَرِبْ فِي وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ، وَحَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ شَهَادَةً تَامَّةً بِالرَّضَاعِ. وَلَوْ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالرَّضَاعِ، وَلَكِنْ شَهِدَ بِالْقَرَائِنِ الْحَامِلَةِ لَهُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَمْ يَثْبُتْ الرَّضَاعُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَسْمَعُهُ الْقَاضِي وَصْفًا لَا يَبْلُغُ مَبْلَغَ الْعِيَانِ، وَاَلَّذِي يُفْضِي بِالْعَايِنِ إلَى دَرْكِ الْيَقِينِ يَدِقُّ مُدْرَكُهُ عَنْ عِبَارَةِ الْوَصَّافِينَ، وَلَوْ قِيلَ لِأَذْكَى خَلْقِ اللَّهِ قَرِيحَةً وَأَحَدِّهِمْ ذِهْنًا: افْصِلْ بَيْنَ حُمْرَةِ وَجْنَةِ الْغَضْبَانِ وَبَيْنَ حُمْرَةِ الْمَوْعُوكِ لَمْ تُسَاعِدْهُ عِبَارَةٌ، فَإِنَّ الْقَرَائِنَ لَا يَبْلُغُهَا غَايَاتُ الْعِبَارَاتِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَوَقَّفْ حُصُولُ الْعِلْمِ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ عَلَى عَدَدٍ مَحْصُورٍ، وَلَكِنْ إذَا ثَبَتَ قَرَائِنُ الصِّدْقِ ثَبَتَ الْعِلْمُ بِهِ.
[مَسْأَلَةٌ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُحِسَّاتِ]
ِ] . اخْتَلَفُوا فِي الْمُحِسَّاتِ، فَقِيلَ: كُلُّهَا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقِيلَ: السَّمْعُ وَالْبَصَرُ مُقَدَّمَانِ. ثُمَّ هَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ الْبَصَرَ عَلَى السَّمْعِ، لِتَعَلُّقِهِ بِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ. وَمِنْهُمْ مَنْ سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّمَ السَّمْعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْأَشِعَّةِ الْمُتَعَرِّضَةِ لِلتَّعْرِيجَاتِ وَالْحَرَكَاتِ؛ وَلِأَنَّ السَّمْعَ لَا يَخْتَصُّ دَرْكُهُ بِجِهَةٍ بِخِلَافِ الْبَصَرِ، وَاخْتَارَ ابْنُ قُتَيْبَةَ هَذَا، وَقَالَ: قَدَّمَ اللَّهُ السَّمْعَ عَلَى الْبَصَرِ، فَقَالَ:

1 / 93