بحر محیط

Al-Zarkashi d. 794 AH
20

بحر محیط

البحر المحيط في أصول الفقه

خپرندوی

دار الكتبي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

فقه
اصول فقه
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى ": خَيْرُ الْعِلْمِ مَا ازْدَوَجَ فِيهِ الْعَقْلُ وَالسَّمْعُ وَاصْطَحَبَ فِيهِ الرَّأْيُ وَالشَّرْعُ عِلْمُ الْفِقْهِ، وَأُصُولُ الْفِقْهِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ صَفْوِ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ سَوَاءَ السَّبِيلِ، فَلَا هُوَ تَصَرَّفَ بِمَحْضِ الْعُقُولِ بِحَيْثُ لَا يَتَلَقَّاهُ الشَّرْعُ بِالْقَبُولِ، وَلَا هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّقْلِيدِ الَّذِي لَا يَشْهَدُ لَهُ الْعَقْلُ بِالتَّأْيِيدِ وَالتَّسْدِيدِ، وَلِأَجْلِ شَرَفِ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَرِفْعَتِهِ وَفَّرَ اللَّهُ دَوَاعِيَ الْخَلْقِ عَلَى طُلْبَتِهِ، وَكَانَ الْعُلَمَاءُ بِهِ أَرْفَعَ مَكَانًا، وَأَجَلَّهُمْ شَأْنًا، وَأَكْثَرَهُمْ أَتْبَاعًا وَأَعْوَانًا. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْأُصُولُ ": اعْلَمْ أَنَّ النَّصَّ عَلَى حُكْمِ كُلِّ حَادِثَةٍ عَيْنًا مَعْدُومٌ، وَأَنَّ لِلْأَحْكَامِ أُصُولًا وَفُرُوعًا، وَأَنَّ الْفُرُوعَ لَا تُدْرَكُ إلَّا بِأُصُولِهَا، وَأَنَّ النَّتَائِجَ لَا تُعْرَفُ حَقَائِقُهَا إلَّا بَعْدَ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِمُقَدِّمَاتِهَا، فَحُقَّ أَنْ يُبْدَأَ بِالْإِبَانَةِ عَنْ الْأُصُولِ لِتَكُونَ سَبَبًا إلَى مَعْرِفَةِ الْفُرُوعِ. ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي نِسْبَةِ الْأُصُولِ إلَى الْفِقْهِ، فَقِيلَ: عِلْمُ الْأُصُولِ بِمُجَرَّدِهِ كَالْمَيْلَقِ الَّذِي يُخْتَبَرُ بِهِ جَيِّدُ الذَّهَبِ مِنْ رَدِيئِهِ، وَالْفِقْهُ كَالذَّهَبِ، فَالْفَقِيهُ الَّذِي لَا أُصُولَ عِنْدَهُ كَكَاسِبِ مَالٍ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ، وَلَا مَا يَدَّخِرُ مِنْهُ مِمَّا لَا يَدَّخِرُ، وَالْأُصُولِيُّ الَّذِي لَا فِقْهَ عِنْدَهُ كَصَاحِبِ الْمَيْلَقِ الَّذِي لَا ذَهَبَ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يَخْتَبِرُهُ عَلَى مَيْلَقِهِ. وَقِيلَ: الْأُصُولِيُّ كَالطَّبِيبِ الَّذِي لَا عَقَارَ عِنْدَهُ، وَالْفَقِيهُ كَالْعَطَّارِ الَّذِي عِنْدَهُ كُلُّ عَقَارٍ، وَلَكِنْ لَا يَعْرِفُ مَا يَضُرُّ وَلَا مَا يَنْفَعُ. وَقِيلَ: الْأُصُولِيُّ كَصَانِعِ السِّلَاحِ، وَهُوَ جَبَانٌ لَا يُحْسِنُ الْقِتَالَ بِهِ، وَالْفَقِيهُ كَصَاحِبِ سِلَاحٍ وَلَكِنْ لَا يُحْسِنُ إصْلَاحَهَا إذَا فَسَدَتْ، وَلَا جِمَاعَهَا إذَا صَدَعَتْ.

1 / 22