بحر محیط

Al-Zarkashi d. 794 AH
114

بحر محیط

البحر المحيط في أصول الفقه

خپرندوی

دار الكتبي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۱۴ ه.ق

د خپرونکي ځای

القاهرة

ژانرونه

فقه
اصول فقه
سَلْ النَّاسَ إنْ كَانُوا لَدَيْك أَفَاضِلًا ... عَنْ الْعَقْلِ وَانْظُرْ هَلْ جَوَابٌ يُحَصَّلُ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ أَصْنَافُ الْخَلْقِ مِنْ الْفَلَاسِفَةِ وَالْأَطِبَّاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفُقَهَاءِ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَلِيقُ بِصِنَاعَتِهِ. فَأَمَّا الْفَلَاسِفَةُ فَشَأْنُهُمْ الْكَلَامُ فِي الْمَوْجُودَاتِ كُلِّهَا، وَمَعْرِفَةُ حَقِيقَتِهَا. وَالْعَقْلُ مَوْجُودٌ. وَالْأَطِبَّاءُ شَأْنُهُمْ الْخَوْضُ فِيمَا يُصْلِحُ الْأَبْدَانَ، وَالْعَقْلُ سُلْطَانُ الْبَدَنِ. وَالْمُتَكَلِّمُونَ هُمْ أَهْلُ النَّظَرِ، وَالنَّظَرُ أَبَدًا يَتَقَدَّمُ الْعَقْلَ. وَالْفُقَهَاءُ تَكَلَّمُوا فِيهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵁: آلَةٌ خَلَقَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الْأَشْيَاءِ وَأَضْدَادِهَا، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَالْعُقُولُ الَّتِي رَكَّبَهَا اللَّهُ فِيهِمْ لِيَسْتَدِلُّوا بِهَا عَلَى الْعَلَامَاتِ الَّتِي نَصَبَهَا لَهُمْ عَلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا مَنًّا مِنْهُ وَنِعْمَةً، قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ، وَهَذَا النَّصُّ مَوْجُودٌ فِي " الرِّسَالَةِ ". قَالَ الصَّيْرَفِيُّ فِي شَرْحِهَا: بَيَّنَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْعَقْلَ مَعْنًى رَكَّبَهُ اللَّهُ فِي الْإِنْسَانِ أَيْ خَلَقَهُ فِيهِ لَا أَنَّهُ فِعْلُ الْإِنْسَانِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ. وَقَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي " الْقَوَاطِعِ ": رُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ آلَةُ التَّمْيِيزِ. قُلْت: وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي " الرِّسَالَةِ " حَيْثُ قَالَ: دَلَّهُمْ عَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ بِالْعُقُولِ الَّتِي رُكِّبَتْ فِيهِمْ، الْمُمَيِّزَةِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ وَأَضْدَادِهَا إلَخْ. وَقِيلَ: قُوَّةٌ طَبِيعِيَّةٌ يُفْصَلُ بِهَا بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ، وَقِيلَ: جَوْهَرٌ لَطِيفٌ يُفْصَلُ بِهِ بَيْنَ حَقَائِقِ الْمَعْلُومَاتِ.

1 / 116