بحر المذهب للروياني
بحر المذهب (في فروع المذهب الشافعي)
پوهندوی
طارق فتحي السيد
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
٢٠٠٩ م
ژانرونه
الحسن بن صالح بن حي والأوزاعي في رواية، وزفر: أنه لا يفتقر شيء منها إلى النية. وقال أبو حنيفة، والثوري: يجوز الوضوء والغسل بغير نية، ولا يجوز التيمم إلا بنية، وهي رواية [٤٤ ب/ ١] عن الأوزاعي واحتج الشافعي على أبي حنيفة بقولة: وهما طهارتان - يعني الوضوء والتيمم -وأراد عن حدث، فكيف يفترقان في وجوب النية في إحداها دون الأخرى. والدليل على الخاص قول الحسن بن صالح قوله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى وقوله ﷺ: "الوضوء شطر الإيمان". وروى أبو هريرة أن النبي ﷺ قال: الطهور نصف الإيمان والصوم نصف الصبر". وروى أبو أمامة أن النبي ﷺ قال: "إذا توضأ الرجل كما أمر ذهب الإثم من سمعه وبصره ويديه ورجليه".
وروي أن عثمان ﵁ كان قاعدًا يتطهر فمسح ماء من فيه ثم ضحك، فقال: ألا تسألوني مم ضحكت؟ فقالوا: مما ضحكت يا أمير المؤمنين؟ فقال: بينما نبي الله ﷺ قاعد في مقعدي هذا يتطهر، فقال: "ما من عبد يتطهر إلا كانت خطاياه أسرع انحدارًا من طهوره".
فهذه الأخبار كلها تدل على أن الوضوء عبادة، والعبادة تفتقر إلى النية.
وقيل في تأويل قوله ﷺ: "الوضوء شطر الإيمان" أي شطر الصلاة، لقوله تعالى: ﴿ومَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤٣]، أي صلاتكم، والصلاة لا تستغني عن النية، فكذلك الوضوء. واحتجوا بقوله تعالى: ﴿إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ﴾ [المائدة: ٦] [٤٥ أ/ ١] الآية، ولم يذكر النية، بينا هذه الآن هي حجتنا؛ لأنها تقتضى: ﴿إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وجُوهَكُمْ﴾ للصلاة، كقولك: إذا سافرت فتزود، معناه للسفر.
حكي عن ابن سريج أنه قال: إزالة النجاسة تفتقر إلى النية، ... بخلاف قول الشافعي: وهما طهارتان. وقيل: إنه اختيار الإمام سهل الصعلوكي، وعندي أنه لا تصح هذه الحكاية عنهما، وعلى ما ذكرنا لو توضأ الكافر أو اغتسل ناويًا، ثم أسلم لا يجوز له أن يؤدي به قرضًا خلافًا لأبي حنيفة؛ لأنه ليس من أهل النية عندنا.
وقال في "الحاوي": فيه وجه آخر يجوز له أن يؤدي به فرضًا؛ لأنه أصح قصدًا من الصبي، وذكر المزني في "المنثور" أن طهارة الصبي ناقصة إذا بلغ إعادة الوضوء والغسل.
1 / 72