بحر العلوم
بحر العلوم
ثم قال:
[سورة النساء (٤): الآيات ١١٠ الى ١١٣]
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (١١٠) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١١) وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (١١٢) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (١١٣)
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
قال الضحاك: نزلت الآية في شأن وحشيّ قاتل حمزة ﵁، أشرك بالله وقتل، ثم جاء إلى رسول الله ﷺ فقال: إني لنادم فهل لي من توبة؟ فنزل وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ
الآية. وقال الكلبي: نزلت في شأن طعمة وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا
بسرقة الدرع أو يظلم نفسه برميه غيره وجحوده، ثم يستغفر الله أي يتوب إلى الله يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا
متجاوزًا رَحِيمًا
لمن اتقى الشرك. وروي عن علي بن أبي طالب ﵁ قال: كنت إذا سمعت حديثًا من رسول الله ﷺ نفعني الله به ما شاء، وإذا سمعته من غيره حلفته. وحدثني أبو بكر الصديق، وصدق أبو بكر ﵁ قال: ما من عبد يذنب ذنبًا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين، ويستغفر الله تعالى إلا غفر الله له. وتلا هذه الآية وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
الآية.
ثم قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا
يعني الشرك بالله تعالى فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ
أي يضر بنفسه وَكانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
ثم قال: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا
يعني عمل بالمعصية ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا
قال مقاتل: وهو طعمة حين رمى بالدرع في دار الأنصاري واتهمه به، وهو قوله ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا
. وقال الضحاك: يعني به المنافقين حيث قالوا في عائشة ﵂ قولًا عظيمًا، فقال: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا
بالمعاصي ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا
يعني عائشة وصفوان. ثم قال تعالى: فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتانًا
يقول: فقد قال كذبًا وَإِثْمًا مُبِينًا
ذنبًا طاهرًا. قوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ
يعني فضل الله عليك بالنبوة، ورحمته بالوحي لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ
أي جماعة أَنْ يُضِلُّوكَ
أي يخطئون في الحكم وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ
أي وما يرجع وبال ذلك إلا على أنفسهم وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ
1 / 337