وفي هذه المدة كثر من الناظر يحيى بن حسين السحولي على الوقف بصنعاء التضييق على المسلمين في الطرقات والمفاسح في الأسواق والشوارع والطرق، وعمر فيها للوقف، وصار يقطع من طلب عمارة فيها للوقف، طمعا في الدراهم، والعامر طمعا في الانتفاع، وصار خط الناظر ذريعة إلى عدم تعرض الناس؛ لأن العامة يعتقدون أن الطرق والحواثر التي لا يد عليها للوقف، وهو جهل ظاهر؛ لأن ذلك لا يكون للوقف، وإنما هو لمصالح المسلمين كافة، لا يجوز إحداث ما يضر عليهم، فأما الوقف فلم يقل أحد من علماء الإسلام، وصار يطلب زيادات على العريص في الأجر، فيما كانت العمارة مقررة على ذلك القدر، ولكن لهوى النفوس سريرة لا تعلم. وقد استولى المذكور ووالده على ازدراع مقبرة في المحاريق تتصل بأعنابهم وينكرون العامة عليهم، ولا يستنكروا على أنفسهم. فكان هذا مظلمة من المذكور، ومن تقدمه قبله من النظار يفعلون ذلك، جهلا منهم، لكنهم ما أفرطوا إلى إفرط هذا الناظر، ثم من مظالمه أنه صار يدعي على كثير من أهل الأملاك الوقف [57/أ] ويأذيهم في شيء ما قد جرت عليه يد من قبله، حتى صار حاله يقرب مما كان من البوني في مدة سنان باشا، وكثر شكا الناس منه على جعفر باشا ، وعمل معه ما عمل من الأمر الذي لا يخفى، وصار المذكور يضلل بالعلل، ويغر الدولة بهذا العمل ويقول: مع فلان من الوقف، فحصل من جهته الضرر، فقد يصادق في قوله، فلا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصار يدعي الحواثر التي لا يد عليها للوقف في المدينة وخارجها وطرقها ومقاشمها، ومن ذلك ما جرى منه مع السيد محمد بن عبد الله العياني في أملاكه، كما سبق ذكره، وصار أيضا يصادقه بعض حكام المدينة وهو القاضي علي بن جابر الهبل، غررا منه من غير حضور بينة وشريعة، وإذا حقق للقاضي بعد ذلك ندم وقال غره المذكور.
مخ ۳۶۹