وفي نصف شعبان ظهرت الجراد من تهامة، وهي التي أثرت فيها الواصلة من عمان كما مضى ذكرها، فأخذت على طريقها مواضع، وحضر كثير من الناس في مثل جهة المغارب، وسلم عنها اليمن الأعلى والمشارق، وصلحت الثمار في أكثر اليمن لولا حصول النقص بالحضر بسبب الجراد، وخلف في أطراف المشرق كنهم والجوف وبرط، فبلغ الشعير إلى ثلاثين بقشة وحرف، والبر إلى حرفين.
وفي هذا الشهر سار علي بن أحمد صاحب صعدة إلى نجران لاستخلاص المطالب، فتلقاه أهله بالحرب، فراح من أصحابه سبعة ومن أهل البلاد أربعة، ومنعوه عن دخول بلادهم، وأخذ وجه المحاصر منهم في التزام بعض شيء من المال، وجعلوا معه رهائن وعاد صعدة. وكان قد استجاش بجماعة من ذي محمد من برط، فلما عاد صعدة وهم معه قتل واحد منهم بباب صعدة، فطلبوا من علي بن أحمد أن يرسل معهم عسكر عينة لقتل واحد من سحار بصاحبهم، فأرسل وقتلوا واحدا لا يعلم أنه القاتل، فلا قوة إلا بالله، بل قتلوه في باب بلده من كبارهم، وكان هذه المعونة من علي بن أحمد من الأفعال العظيمة والموافقة للجاهلية، وإطراح الأحكام الشرعية، وإنما كان عليه أن يقول لبرط: لا أعينكم على الضلالة ومخالفة الشريعة ، بل لكم ما تحكم به الشريعة من القسامة أو غيرها في صاحبكم، ولا[218/ب] يجوز أن أعينكم في باطلكم، وفتنة أخرى، بعدها شكوا جماعة إليه من قبائل بلاده بقتل حصل من قبيلة فقال لهم: اقتلوا واحدا منهم بصاحبكم، وهذا من الأحكام المخالفة للشريعة.
وفي شعبانها مات القاضي محمد بن أحمد الشظبي، كان المذكور له معرفة في الفقه، وكان حاكما في مدة المؤيد بالله بكوكبان، وأول دولة المتوكل، ثم عزله وانتقل إلى صنعاء وقل سمعه، ولم يخرج آخر مدته من بيته، وكان حافظا لكتب أجداده وأهله، وهو من جملة من أخذ على السيد محمد بن عز الدين المفتي بصنعاء في زمان دولة جعفر باشا.
مخ ۵۸۸