273

كتب الفقير إلى الله عبد الرحمن بن محمد الحيمي ، لطف الله به هذه الأبيات الرقيقة الرائعة، والمعاني البديعة الفائقة، وكان السبب في إنشائها أن قائلها رضي الله عنه وشكر مساعيه، وأعانه على حسن مقاصده الحسنة بما يؤمله من مراضيه أراد الحج سنة خمس[214/أ] وخمسين بعد الألف على قدم التحديد، فعاقه عائق عن ذلك القصد الذي يحبه ويريده. هذا وقد كان عزم إلى محروس كوكبان، فسلم الأمر لما قضاه الكريم المنان، وأقام بمحروس كوكبان لطلب العلم الشريف، وقاطعا شكية إلى الله وإلى جده رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منهما الإعانة على ذلك المقصد العالي المنيف فجلب بحمد الله كل الحظ، وما ذاك إلا لحسن النية والمقصد، أقام الله حقها في هذه الجهة اليمنية وعظم شأنها في المدينة المشرفة المحمية، حتى أنه ذكر السيد الجليل العلم النبيل هادي بن محمد الحمزي النزيل في الحرم النبوي، المجاور للقبر المنير المصطفوي إنها خطيب الحظ الأكبر الفخيم، وحصلت كرامة يطول شرحها: {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم } وما ذلك إلا لسلامة صدر منشيها من العصبية والسلوك منا للسنة الحنفية النبوية، فسلك فيها طريقة آبائه الأئمة الهادين، وتبع فيها ما سنه سلفه الأبرار الصادقين، مباينا للغلو في المحبة والتعصب، مجانبا للحقد والغل على أصحاب جده البررة الكرام غاية التجنب ممتثلا ما أمر به الكريم الرحمن في قوله عز من قائل: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } منتهيا عن الغل الذي أرشد إليه القرآن العظيم في قوله تعالى: {ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} ولما اطلع عليها الشيخ العلامة الأوحد الصمصامة إمام حرم المدينة المشرفة، ونزيل تلك الربوع الزاهرة المكرمة تشكر للسيد تلك المساعي الحميدة[214/ب] والمقاصد المباركة الرشيدة، وقال: مثل هذا السيد لا يجهل شرفه وقدره ولا ينكر فضله وفخره، وأمر الشيخ العلامة الأديب الألمعي والفقيه الفهامة المحقق الأريب، اللوذعي عبد الواحد الدوقي ، حفظ الله ذاته وأبقى حياته بالجواب على السيد فخر الدين، فقال ممتثلا، وشرع وأنشد وأبدع شعرا:

جرد الصب من الحب حساما

وبه وفى من الفضل المقاما

وصريح الحق إذ لاح له

لم يخف ردا ولا يخشى ملاما

نصر الدين بقول أبلج

خذل الله به من قد تعاما

أظهر الله به حجته

وأزال الشك عنه والظلاما

حبه من عالم من فضله

قد أقام الوزن منه فاستقاما

ثم أمضى صارما من قوله

قطع الخصم ولم يبق اختصاما

يا لقومي هل رأيتم فاضلا

أنصف الحق من النفس وداما

ليس إلا هاشمي بطل

لوذعي خير من طال وقاما

إنه من فتية خالصة

وبها المجد تعالى وتساما

من بني عبد مناف قد نفى

شبهة الجهل لزوما والتزاما

وأتاه بالنصح منه قيما

ليس فيه عوج شأن الكلاما

قد تولاه ألمعي بالتقى

زاد في تلك علوا واحتراما

لم يزل فينا شريفا قدوة

يهدي الله به ثم إماما

مترض عن صحاب سبقوا

جعل الله لهم أبدا قداما

صدق القرآن في آياته

بالرضى عنهم وللأعداء أضاما [215/أ]

شهر الفضل بنص المصطفى

وبآيات لمن رام اعتصاما

حج خصما بحجاج قاطع

وعلى ذلك برهانا أقاما

فأدمه يا إلهي للورى

واعطه ذلك برهانا أقاما

وابقه فينا إماما سننا

ثم زد ذاك وبلغه المراما

واغنه لهبات ليرى

ما بقى في مثلها عاما فعاما

ليقم بالفضل فينا منصفا

وبعدل مستو يرعى الذماما إن هذا فاطمي علم

مخ ۵۸۳