252

إلا أن الراوي روى أن هؤلاء الذين وجدوا صبح ذلك اليوم الذي ظهر فيه الحادث في المسجد ستة نفر من الرافضة العجم، فأخرجوهم إلى باب العمرة وقتلوهم فقد يمكن أنهم الفعلة فإن القرامطة أحد فرق الرافضة، ويظهرون الإسلام في الجملة، وأصلهم من طوائف العجم أو من غيرهم، والله أعلم بحقيقة حالهم، فقد روى بعضهم أنهم وجدوا هؤلاء الرافضة الذين قتلوهم في أيديهم أثار القذر.

ويحتمل أن يكون الفاعل من النصارى، فأما اليهود فهم كما قال الله تعالى:{ضربت عليهم الذلة والمسكنة } ولأنهم يعظمون البيت الحرام في كتبهم؛ ولأن النصارى من الفرنج قد دوخهم السلطان ودمغهم بأخذ مالطة، وهي قاهرة لبلادهم وكسر ثائرتهم وشوكتهم وقتلهم وشردهم، لم يبق لهم قدرة على شيء من النكاية للإسلام. وقيل: إن السلطان كسر صليبهم في بلادهم، ففعلوا هذا لأجل ذلك، نكاية للإسلام.

ثم بلغ مع بعض الحجاج في السنة الثانية أن الفاعلين لذلك من النصارى، وظفر بهم في المغرب الجوان لما تحدثوا هنالك بما فعلوه، فقتلوا، والله أعلم.

واليهود في اليمن هذه الأيام صاروا في حيص بيص من أمر المهدي أحمد بن الحسن بإخراجهم من اليمن، مع ضعفهم والشدة والقحط العام بالمسلمين وبهم، والأمر بإخراب كنيستهم بصنعاء، فصار محمد بن المتوكل يراجع عليهم، والرجل مصر في شأنهم، واعتل بأن المتوكل قد كان يريد ذلك فيهم مع فتوى أحمد بن صالح بن أبي الرجال، والتحريض منه بنفيهم، وكذلك يحيى بن الحسين بن المؤيد بالله.

وفي هذه السنة اعترض المهدي أحمد بن الحسن بعض الفقهاء في التمشية وقال: لو كان واجهت في مصالح المسلمين وقضيت الغرض كان أقدم، فهز رمحه عليه [201/أ]وقال: هذا جوابك، فسكت الفقيه، والتمشية لا تنافي المصلحة مع إبلاغ الجهد في القيام بأحوال الناس.

مخ ۵۵۹