وفي غرة شهر الحجة وصل الخبر إلى صنعاء بالأمر العظيم الجاري بالمسجد الحرام كعبة الإسلام، ومحل الأمن والإحسان، والقبلة التي فرضها الله على الأنام، وذلك أنها أصبحت في بعض تلك الأيام وإذا في جدرانها وبابها الشريف وأركانها ومطافها وزمزم ومقام إبراهيم وسائر المقامات للحنفي والشافعي تلطيخ النجاسة، التي نزهها الله عنها وشرفها وطهرها من الوسخ والغائط، فلما أشرف الصباح وظهر ما فيها من تلطيخ تلك الأوساخ، حملت الحمية العينة التي فيها من العسكر الإنجشارية وقتلوا فيها قدر ستة أنفار وجدوهم فيها من طائفة العجم، وحصل فيها بعد ظهور القتل من أهل مكة الخوف والاحتياز بالبيوت، فأغار سائر أصحاب الشريف، وبلغ الخبر إلى جدة، فأغار أميرها إليها. وكان إذ ذاك الشريف بركات متولي مكة غائبا في بلاد نجد، فلما بلغه ذلك الخبر بعد حصول ذلك الواقع وصل إليها وقد انصرم ذلك الأمر الذي جرى فيها، فسكنوا فيها الأمر وأمنوا طوائف العجم الذين بها من الإثني عشرية، ولم يعرف بحقيقة الفاعل بذلك الأمر، فمنهم من يقول: من القرامطة[200/ب] ومنهم من يقول: لعله من اليهود، ومنهم من يقول: من النصارى. وأما العسكر فقالوا: هم العجم، وهو يبعد ذلك منهم، لأنهم من المسلمين ما يفعل ذلك إلا من كان من الكافرين، وإن فعل ذلك أحد من المسلمين فقد كفر به وخرج عن الإسلام بعمله.
وعلى الجملة فإن ذلك الأمر عظيم، وفعل جسيم، فلا قوة إلا بالله العلي العظيم، ما قد جرى مثله، ولا اتفق فعله، والسلطان إذا بلغه ذلك يتغير منه، وكل مسلم من المسلمين، ومن يتق الله رب العالمين.
مخ ۵۵۸