247

ولو رجع السيد إلى داره وبين أهله وأرحامه، وخمل وسار سيرة أمثاله، لكان هو الأولى له من تجشم المهالك، وقد جرى عليه قلمه بجوابه، وهو لا يشعر في قوله: وكنت دعوت لما علمته من كمال نظامها في، وعدم علمي أنه فيهما وفي، فنقض قوله لفظه كما ترى؛ لأن المعطوف حكمه حكم المعطوف عليه في الخطابات اللغوية، فإنه نفى بقوله: وعدم علمي أنه فيها وفي، أي وعدم علمه أنها فيه أي الإمامة بعد أن أثبت أولا، فناقض كلامه، وجرى في نقضه عليه أقلامه، مع أنه كان في هذه الرسالة التي بعثها إلى الحكام بعضها يقول في مستهلها وفي كتاب عنوانها إلى من صدرها، أنه بعد وصول كتابكم إلينا، كما رأيته في كتاب صدره إلينا، ولم نكتب إليه بكتاب، ولم نذكر في شفة ولا خطاب ، فتعمد الكذب مما يقدح في قائله وينقض ما يدعيه من كماله، ودعوى الكمال خطأ في أحوال هذا العالم، لا يجوز لأحد التفوه به؛ لأن القدر لا يفي به، ولا يتم لأحد دعواه، ولا يطيق له ولا يحواه، فإن المتفرد بالكمال إنما هو الله تعالى الذي لا شريك له، فأما هذا البشر المخلوق فهو ناقص على كل حال والله يبصرنا بعيوب أنفسنا ويغفر لنا.

وفي هذه الأيام خرج محمد بن أحمد من عمران، فصعق عند حال خروجهم في أبي سعيد مطر فهلك هو وحصانه جميعا.

وفي نصف شهر القعدة وصل علي بن المتوكل وصنوه حسين من ذمار إلى صنعاء وسكنا عند صنوهما محمد فخطب صاحب المدينة[198/أ] إلى آخر شهر الحجة، وعادا إلى بلادهما. وكان أصحابهم قد استدانوا من العمانين بالمدينة حول ثلاث مائة حرف، فلما سار صاحب أمرهم لحقوه، فلحقهم الغرماء، فمنعوا عن التسليم لهم، وضربوا بعضهم على القاعدة التي ألفوها باليمن الأسفل، لعدم الضبط عليهم من أميرهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

مخ ۵۵۴