242

وكنت دعوت لما عليه من كمال نظامها في، وعدم علمي أنه فيها وفي مع كثرة من المرجحات، ووفرة من المصححات، لما رأيت البدع قد حمت على الأبدان صروحا، وزرت على البلدان مسوحا، ولم يبد عالم في حندسها شعاعا، ولا بل كاتب بمداد إنكارها يراعا، بل عميت عليهم يومئذ، فهم لا يتساءلون، واشتد العمى على الأكثر منهم عن إنكارها يتهازلون، فدعوت رغبا في الفوز بدرجات السبق الفاخرة، وما أكرم الله به ذويه في الدنيا والآخرة، وترهبا من ظهور الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون وتضييع: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون} وقول أولي الأمر: {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } وتصميمهم على تلك البدع وهم يحسبون أنهم مهتدون، وكان كثير من الأنام من العلماء والعوام متوقفا في صحة إمامتي، مترددا في شمول زعامتي، توهما لسبق دعوته، ويستمد من المجد لذروته ولم يدر أن دعوتي العادية ضبحا، المورية قدحا، المغيرة صبحا، المثيرة نقعا، الواسطة جمعا، السابقة قطعا، إذ دعوتهما إلى الرضا من[193/ب] آل محمد، ودعوتي إلى نفسي لم تتردد، كما مر جوابه عن نفوسهم، وبعثوا به إلى الآفاق في طروسهم ، فدعوتي خاصة لي بعيني، ودعوتهم مردودة بينهم وبيني، فقد شاركتهم إلى غير المعين، واختصصت بسبق الدعوة إلى من يعين، وهل يختص بالسبق من أنا بشريكه فيه؟ أو يدعي مدع خلاف ما حذر عن فيه! كيف وأنا مدع إلى التفرد باسم الرضا! والمحكوم له في الكتاب والسنة بذلك القضاء، ومن شك في كمال الخلال خلال الكمال فيا لله قل له ليختبرني فيما أراد، فأما أهان الفتى أو أجله، فهذا الحصان يلوك العنان ، وهاك الرهان وهات التعلى، فلست بأمعة في الرجال بسائل هذا وذا إن يدله، ولا أجد لي في الله لومة لائم، ولا مداهن للأجله، إلى أن قال: والإمامة إنما جعل مناطها التقوى، وشرطها السوي: العلم.

الثاني أوضحه الكتاب أنه الشرط الثاني قصد به الألباب فقال: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } {أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون} والآن جددت الدعوة التي لم تبلى إلى العباد ورددت {ياقوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد } {وياقوم إني أخاف عليكم يوم التنادي ، يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم[194/أ] ومن يضلل الله فما له من هاد} {ياقوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار} ثم قال:

مخ ۵۴۶