وكان أحمد بن المؤيد بوادعة يترقب الفرصة فيهم والهزيمة، وأنها إذا وقعت فيهم بادر بالحملة بمن معه وبقبائل[1181/ب] وادعة والعصيمات للإنتهاب والغنيمة من المحطة التي بحاشف، والتلقي لهم إن اهتزموا بالقتال بالسلاح والمعاطف، وكان قد اجتمع بحبور جماعات من المغارب الشرقية والحجية ينتظرون ما ذاك يتم من الحرب الواقع فيما بين ظليمه والأهنوم، وأن الهزيمة إذا حصلت لفوا عليها من جهتهم وأحمد بن المؤيد من خلفهم والأهنوم من قدامهم، هذا كان هو غرضهم ومقصدهم، ولذلك فإن المهدي لما عرف بعض هذا الأمر منهم الجاري أرسل لأحمد بن محمد من الصلبة إلى خمر، زيادة لمحمد بن أحمد وقاسم بن المتوكل ؛ لأجل المحاذرة من طارقات أحمد بن المؤيد إذا تحرك من وادعة، فيتبع أثره ويلحق من خلفه، فلما وقع هذا الحرب الجاري، وكان على ما وصف من الظفر بهم والغلبة لهم على الوجه الماضي، سقط في أيديهم الجميع وكفوا عن قصدهم الذي عليه نياتهم، وطفت لذلك الحاصل جمراتهم. وعند ذلك أقبل أحمد بن[182/أ] المؤيد مبادرا بالمواجهة والمبايعة والدخول تحت الطاعة، ولا سيما بعد أن بلغه أن عساكر خمر توجهت نحوه، وتفرق الذي كان وصل إلى حبور من قبائل المغرب ورجعوا من حيث جاؤوا وشاهدوا ما لم يشاهدوه في زمانهم، مما جرى في الحرب أمامهم، وواجهت المغارب جميعها، وخطبوا للمهدي فيها، ونزل أهل شهارة إلى الحضرة الأحمدية طائعين مسلمين، وتفرقت رتبة الهجر التي كانت للقاسم، والقاضي محمد بن علي قيس الثلائي رجع بيته وترك القاسم بعد إياسه، ورتب أحمد بن الحسن الهجر ونجد بني حمره وتحت شهارة الفيش خشية لا يخرج القاسم، ثم رحل أحمد بن الحسن بنفسه من حاشف وطرح بمحطته بحدبة الهجر، ولم يبق إلا قاسم بن المؤيد فريدا وحيدا حليف هم وحزن في شهارة، وأحمد بن المتوكل بشهارة يأمر وينهي، ولم يبق للقاسم أمر فيها.
مخ ۵۲۶