في حده الحد بين اللهو واللعب ووصل الأسرى إلى صنعاء معهم السيد صالح عقبات، وفيهم السيد إبراهيم بن حسين وفقيه من بني الأكوع، ومن الأهنوم جملتهم أربعة عشر نفرا من مشائخهم، وخرج عامة أهل صنعاء للتفرجة عليهم، خرج أولهم إلى أن بلغ الحصبة ، والطرق ممتلئة، فجنبوا بهم إلى الجراف للعشاء والتغليس لدخول صنعاء خشية من كثرة المتفرجين، فكان دخولهم وقت العشاء، ولم يترك الكثير من أهل صنعاء التفرجة من الصغار والكبار، واجتمع في ضوء القمر للتفرجة خلق كثير وصاح عليهم الصبيان بالأصوات والتنصيرات والصولات، حتى دخلوا بهم قصر صنعاء على تلك الحالات، وكان الصبيان يقولون لرئيسهم: أين جيت بعقلك؟ وبقو تحت الترسيم.
وجاء خبر أن القاسم استدعى السيد زيد بن علي جحاف للوثاقة والشروط بينه وبين المهدي أحمد بن الحسن وإلاكادة، فطلع[178/ب] المذكور إليه، وأمر عند ذلك بارتفاع رتب بلاد حجة وكحلان، وكانت هذه القضية رادعة لأهل شهارة والأهنوم، لم يصدقوا بحقيقتها حتى رأوها مشاهدة؛ لأنهم أهل غباوة مشهورة لا ينظرون في العاقبة، ولا يعرفون الأمور الغالبة ، فما صدقوا لأجل غباوتهم حتى شاهدوا ذلك بأعيانهم وأبصارهم، فكان حالهم وحال القاسم كما قال ابن المقرب:
علام تجشم الأهوال فردا
تغير البيداء أو لجج البحار
آمالا تحاول أم علوا
هديت أم اجتواء للديار
وأما أهل شهارة فإنهم مع ذلك أقاسوا على الإمام القاسم بن محمد بن علي، والإمام القاسم ما قام تلك المدة إلا بملاحم معزوة إلى علي من منقولات الجفر وغيرها، مما ليس عنده يخفى.
وأما عمل هذا القاسم فإنه مخالف للملاحم، فإن المعروف في المنقولات الجفرية أن الملك يصير بعد المتوكل إلى أحمد بن الحسن، والأمور السابقة في علم الله لا تنقلب جهلا ولا خلفا، فلله الأمر من قبل ومن بعد، له الملك يعطيه من يشاء، [179/أ] وحسبنا الله ونعم الوكيل.
مخ ۵۲۲