[131/ب]والجراد عمت بلاد القبلة وشهارة وأكلت زروعها جميعا في سفيان والأهنوم ووادعة، فخيب الله أمل أهل شهارة في جمع الثمرة فيها، وتوجهت الجراد بعد ذلك إلى ظليمة وعذر وما إليها، ثم سارت منها إلى بلاد الشرف وعفار وحجة، ثم إلى لاعة، ثم حراز والحيمة وبلاد عتمة وآنس وضوران والسحول باليمن الأسفل، وانعطفت راجعة إلى بلاد ذمار، ثم إلى بلاد رداع، ودخلت المشرق، فلم تبق هذه الجراد في جميع هذه البلاد إلا اليسير، بحيث أكلت طفلا، فطلع السعر في جميع هذه البلاد النصف في الزيادة على ما كان قبل مرورها: الشعير إلى خمسين والذرة إلى حرفين والبر إلى مائة بقشة وأكثر، وسلم الله بلاد صنعاء، فتمت الثمرة، وحصدت قبل مرورها، إلا أن السعر ارتفع فيها كغيرها، وقد كان في الثمرة تجهز عظيم قربة الصراب، بحيث أن من كان معه من الحب من العام شاطه بأبخس الأثمان، وأقرضه لتفريغ المدافن والمخازن للثمرة الجديد، ثم انتشرت هذه الجراد، فندموا غاية الندم. وسائر الدبا في الجهات أكل جانبا وما قد احتمل، وأهل ذمار وفدوا إلى صنعاء بغنم باعوها واشتروا بها طعاما، ولم يعهد أن أهل ذمار يشترون من صنعاء الطعام أصلا، بل العكس في الرخص له وحين يغلا وينقص على صنعاء أسعاره في أكثر أوقاته، ولله الحكمة في صنعه وأحكامه.
مخ ۴۵۹