Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
پوهندوی
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٢هـ
د چاپ کال
٢٠٠٢م
ژانرونه
الحديث الرابع عشر: السعي في الخير بين الناس
عَنْ أَبِي مُوسَى ﵁ "أَنَّ النبي ﷺ كان إِذَا أَتَاهُ سَائِلٌ أَوْ طَالِبُ حَاجَةٍ، قَالَ: اشفعوا فلتؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء" متفق عليه١.
وهذا الحديث متضمن لأصل كبير، وفائدة عظيمة، وهو أنه ينبغي للعبد أن يسعى في أمور الخير سواء أثمرت مقاصدها ونتائجها أو حصل بعضها، أو لم يتم منها شيء. وذلك كالشفاعة لأصحاب الحاجات عند الملوك والكبراء، ومن تعلقت حاجاتهم بهم فإن كثيرًا من الناس يمتنع من السعي فيها إذا لم يعلم قبول شفاعته. فيفوّت على نفسه خيرًا كثيرًا من الله، ومعروفًا عند أخيه المسلم. فلهذا أمر النبي ﷺ أصحابه أن يساعدوا أصحاب الحاجة بالشفاعة لهم عنده ليتعجلوا الأجر عند الله، لقوله: "اشفعوا تؤجروا" فإن الشفاعة الحسنة محبوبة لله، ومرضية له. قال تعال: ﴿مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا﴾ [النساء:٨٥]، ومع تعجله للأجر الحاضر فإنه أيضًا يتعجل الإحسان وفعل المعروف مع أخيه، ويكون له بذلك عنده يد.
وأيضًا، فلعل شفاعته تكون سببًا لتحصيل مراده من المشفوع له أو لبعضه، ما هو الواقع. فالسعي في أمور الخير والمعروف التي يحتمل أن تحصل أو لا تحصل خير عاجل، وتعويد للنفوس على الإعانة على الخير، وتمهيد للقيام بالشفاعات التي يتحقق أو يُظن قبولها.
وفيه من الفوائد: السعي في كل ما يزيل اليأس، فإن الطلب والسعي عنوان على الرجاء والطمع في حصول المراد، وضده بضده، وفي الحديث دليل على الترغيب في توجيه الناس إلى فعل الخير، وأن الشفاعة لا يجب على المشفوع عنده قبولها إلا أن يشفع في إيصال الحقوق الواجبة، فإن الحق الواجب يجب أداؤه وإيصاله إلى مستحقه، ولو لم يشفع فيه.
_________
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ١٤٣٢، ٦٠٢٨، ومسلم في "صحيحه" ٢٦٢٧ بعد ١٤٥.
1 / 41