Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
پوهندوی
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٢هـ
د چاپ کال
٢٠٠٢م
ژانرونه
الحديث الرابع والتسعون: النهي عن الإسراف في المباحات
عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "كُلْ واشرب، والبَسْ وتصدق، من غَيْرِ سَرَف وَلَا مَخيلة" رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو داود. وعلقه البخاري١.
هذا الحديث مشتمل على استعمال المال في الأمور النافعة في الدين والدنيا، وتجنب الأمور الضارة. وذلك أن الله تعالى جعل المال قوامًا للعباد، به تقوم أحوالهم الخاصة والعامة، الدينية والدنيوية. وقد أرشد الله ورسوله فيه -استخراجًا واستعمالًا، وتدبيرًا وتصريفًا- إلى أحسن الطرق وأنفعها، وأحسنها عاقبة: حالًا ومآلًا.
أرشد فيه إلى السعي في تحصيله بالأسباب المباحة والنافعة، وأن يكون الطلب جميلًا، لا كسل معه ولا فتور، ولا انهماك في تحصيله انهِماكًا يُخلّ بحالة الإنسان، وأن يتجنب من المكاسب المحرمة والرديئة ثم إذا تحصل سعي الإنسان في حفظه واستعماله بالمعروف، بالأكل والشرب واللباس، والأمور المحتاج إليها، هو ومن يتصل به من زوجة وأولاد وغيرهم، من غير تقتير ولا تبذير.
وكذلك إذا أخرجه للغير فيخرجه في الطرق التي تنفعه، ويبقى له ثوابها وخيرها، كالصدقة على المحتاج من الأقارب والجيران ونحوهم، وكالإهداء والدعوات التي جرى العرف بها.
وكل ذلك معلق بعدم الإسراف، وقصد الفخر والخيلاء، كما قيده في هذا الحديث، وكما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ [الفرقان:٦٧] . فهذا هو العدل في تدبير المال: أن يكون قوامًا (٢) بين رتبتي البخل والتبذير. وبذلك تقوم الأمور وتتم. وما سوى هذا فإثم وضرر، ونقص في العقل والحال. والله أعلم.
(١) حسن، علّقه البخاري في "صحيحه" قبل رقم: ٥٧٨٣، ووصله أحمد ٢/١٨١، ١٨٢، وابن ماجه ٣٦٠٥، والترمذي ٢٨١٩، والنسائي ٥/٧٩، والحاكم ٤/١٣٥، وانظر "صحيح الجامع" ٤٥٠٥، "المشكاة" ٤٣٨١. (٢) وسطًا.
1 / 213