Bahjat Qulub al-Abrar wa Qurat Uyun al-Akhiyar
بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
پوهندوی
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
د ایډیشن شمېره
الأولى ١٤٢٢هـ
د چاپ کال
٢٠٠٢م
ژانرونه
بحسب استطاعتهم. فهم محمودون مثابون على ما قاموا به، معذورون على ما عجزوا عنه، وربما كتب الله لهم بنياتهم الصادقة ما عجزت عنه قواهم.
والنوع الثاني: رحمة يكتسبها العبد بسلوكه كل طريق ووسيلة، تجعل قلبه على هذا الوصف، فيعلم العبد أن هذا الوصف من أجلِّ مكارم الأخلاق وأكملها، فيجاهد نفسه على الاتصاف به، ويعلم ما رتب الله عليه من الثواب، وما في فواته من حرمان الثواب؛ فيرغب في فضل ربه، ويسعى بالسبب الذي ينال به ذلك. ويعلم أن الجزاء من جنس العمل. ويعلم أن الأخوة الدينية والمحبة الإيمانية، قد عقدها الله وربطها بين المؤمنين، وأمرهم أن يكونوا إخوانًا متحابين، وأن ينبذوا كل ما ينافي ذلك: من البغضاء، والعداوات، والتدابر.
فلا يزال العبد يتعرف الأسباب التي يدرك بها هذا الوصف الجليل ويجتهد في التحقق به، حتى يمتلئ قلبه من الرحمة، والحنان على الخلق. ويا حبذا هذا الخلق الفاضل، والوصف الجليل الكامل.
وهذه الرحمة التي في القلوب، تظهر آثارها على الجوارح واللسان، في السعي في إيصال البر والخير والمنافع إلى الناس، وإزالة الأضرار والمكاره عنهم.
وعلامة الرحمة الموجودة في قلب العبد: أن يكون محبًا لوصول الخير لكافة الخلق عمومًا، وللمؤمنين خصوصًا، كارهًا حصول الشر والضرر عليهم. فبقدر هذه المحبة والكراهة تكون رحمته.
ومن أصيب حبيبه بموت أو غيره من المصائب، فإن كان حزنه عليه لرحمة، فهو محمود، ولا ينافي الصبر والرضى؛ لأنه ﷺ لما بكى لموت ولد ابنته، قال له سعد: "ما هذا يا رسول الله؟ " فأتبع ذلك بعبرة أخرى، وقال: "هذه رحمة يجعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء"١ وقال عند موت ابنه إبراهيم: "القلب يحزن، والعين تدمع، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. وإنَّا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون"٢.
وكذلك رحمة الأطفال الصغار والرقة عليهم، وإدخال السرور عليهم من الرحمة، وأما
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٧٤٤٨، ومسلم في "صحيحه" رقم: ٩٢٣. (٢) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ١٣٠٣، ومسلم في "صحيحه" رقم: ٢٣١٥.
1 / 189