بهجې د مجالسو او د مجالسو خوشحالي
بهجة المجالس وأنس المجالس
روى ابن جريج، قال: حدثني يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير، أنه قال: سمعته يقول: كان رجل من بني إسرائيل يقرأ، فإذا بلغ " بعثنا عليكم عبادًا لنا أولى بأسٍ شديد " بكى وفاضت عيناه، ثم يطبق المصحف. فعل ذلك ما شاء الله من الزمان، ثم قال: أي رب! أرني هذا الرجل الذي جعلت هلاك بني إسرائيل على يديه، فأرى في المنام مسكينًا سائلًا يقال له: بخت نصر ببابل، فانطلق بمال وأعبدٍ له، وكان رجلًا موسرًا، فقيل له: أين تريد؟ فقال: أريد التجارة. فنهض حتى نزل ببابل فاكتري بها منزلًا ليس فيه أحد غيره، وجعل يدعو المساكين ويعطيهم ويلطف بهم حتى لم يبق أحد منهم إلا جاء، فقال: هل بقى مسكين غيركم؟ قالوا: نعم، مسكين بفج آل فلان مريض يقال له: بخت نصر. فقال لغلمته: انطلقوا وانطلق معهم حتى أتاه، فقال له: ما اسمك؟ قال: بخت نصر، قال لغلمته: احتملوه. فنقله إليه فمرضه حتى برًا، وكساه وأعطاه نفقةً، ثم أذن الإسرائيلي بالرحيل، فبكى بخت نصر، فقال له الإسرائيلي: ما يبكيك؟ قال: أبكي أنك فعلت معي ما فعلت ولا أجد شيئًا أجزيك به. قال: بل شيئًا يسيرًا إن ملكت أطعتني. فجعل بخت نصر يلتوي ويقول: تستهزئ بي؟ ولا يمنعه أن يعطيه ما سأل إلا أنه يستهزئ به، وأبي عليه. فبكى الإسرائيلي وقال: لقد علمت أنه ما يمنعك أن تعطيني ما سألت إلا أن الله تعالى يريد أن ينفذ ما قضى وما قد كتبه عنده في كتابه، ثم ضرب الدهر ضرباته، فقال سيحون وهو ملك فارس ببابل: إنا لو بعثنا طليعةً إلى الشام كان حسنًا. قالوا: وما يمنعك؟ قال: فمن ترون؟ قالوا: فلان. فبعث رجلًا وأعطاه مائة ألف، فخرج وخرج بخت نصر في مطبخه لا يخرج إلا أن يأكل، لا همة له غير شبع بطنه، فلما قدم الشام رأى صاحب الطليعة أرضًا أكثر أرض الله خيلا ورجلا وسلاحًا، فكسر ذلك في ذرعه، فلم يسأل ولحقه جزع، وجعل بخت نصر يمشي في مجالس أهل الشام فلا يدع مجلسًا إلا وهو يقول لأهله: ما يمنعكم أن تغزوا بابل مع كثرة ما أرى معكم من الخيل والرجل، فلو غزو تموها لأصبتم بها المال والعيال. قالوا: فلا نحسن القتال ولا نعرفه، حتى استنفد مجالس أهل الشام، ثم رجع إلى الطليعة ولم ينل منهم كثير نيلٍ لما رأى، وجعل بخت نصر يقول لمن يلج على الملك: لو دعاني الملك لأخبرته غير ما يخبره فلان - يعني الطليعة - فرفع ذلك إليه، فدعاه، فأخبره الخبر، وقال: إن فلانًا لما رآها أكثر أرض الله خيلا ورجلا حسبهم أجلد الناس، فكسر ذلك في ذرعه، ولم يسألهم عن شيء، وإن لم أدع مجلسًا بالشام إلا جالست أهله، فقلت لهم كذا فقالوا لي كذا، فقال الطليعة لبخت نصر بعد خروجه من عند الملك: فضحتني أيها الرجل، فهل لك في مائة ألفٍ تأخذها وتنزع عما قلت؟ قال: لو أعطيتني بيت مال بابل لما نزعت. ثم أن الدهر ضرب ضربه، وقال الملك: لو بعثنا جريدة خيلٍ إلى الشام، فإن وجدوا مساغًا ساغوا، وإلا انهبوا ما قدروا عليه؟ قالوا: فما ضرك لو فعلت؟ قال: فمن ترون؟ قالوا: فلان أو فلان. قال لهم: بل الرجل الذي أخبرني بما أخبر. فدعا بخت نصر، فأرسله وأرسل معه أربعة آلافٍ من فرسانهم، فانطلقوا فجاسوا خلال الديار، فسبوا ما شاءوا وخربوا ولم يقتلوا، ورمى في جنازة سيحون فمات، فقالوا: استخلفوا رجلا. فقالوا: على رسلكم حتى يأتي أصحابكم من وجهتهم، فأمهلوا حتى جاء بخت نصر فقسم ما جاء به في الناس، فقالوا: ما رأينا أحق بالملك من هذا؟ فملكوه. فلم ضرب له ملكه بجرانه، قال لهم يومًا: موعدكم ثالثة فمن استأخر بعدها منكم فليمش إلى خشبته، فغزا الشام، فذلك حين قتل، وخرب بيت المقدس وانتزع حليته وحملها، وجعل يشرب فيها الخمور وخوانًا يأكل عليها الخنازير، وحمل التوراة معه ثم ألقاها في النار، وقدم فيما قدم بمائة وصيف منهم دانييل وعزير، وكان يقال له عزريا، وحنانيا وميشائيل، فقال لإنسان: أصلح لي أجسام هؤلاء، لعلي أختار منهم أربعة يخدمونني. فقال دانييل لأصحابه: اعلموا أنهم إنما نصروا عليكم بما غيرتم من دين آبائكم. لا تأكلوا لحم الخنزير، ولا تشربوا الخمور. فقالوا للذي يصلح أجسامهم: هل لك أن تطعمنا طعامًا هو أهون عليك في المؤونة مما تطعم أصحابنا، فإن لم نسمن قبلهم أكثر من سمنهم رأيت رأيك؟ قال: ماذا؟ قالوا: خبز الشعير والكراث. ففعل، فسمنوا قبل أصحابهم. فأخذهم بخت نصر يخدمونه. قال: فبينما
1 / 209