189

بدر طالع

البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع

خپرندوی

دار المعرفة

د خپرونکي ځای

بيروت

وَوَجهه أَيْضا إِلَى سُلْطَان الْحَبَشَة لما وصلت اليه مِنْهُ كتب تَتَضَمَّن وغوبه في الإسلام وَيطْلب وُصُول جمَاعَة من آل الإمام إليه ليسلم على أَيْديهم فَتوجه في نَحْو خمسين رجلا وَركب من بندر المخاثم توجّه من هُنَالك ولاقى مشاقًا عَظِيمَة وَاسْتمرّ في الطَّرِيق سفرًا وإقامة نَحْو تِسْعَة أشهر فوصل إِلَى سُلْطَان الْحَبَشَة في يَوْم عيد لِلنَّصَارَى فَدخل على السُّلْطَان لابسًا شعار الإسلام من الثِّيَاب الْبيض وَكَانَ السُّلْطَان غير مربد لما أظهره في كتبه من الرغوب في الإسلام بل مُعظم قَصده المراسلة كَمَا يَفْعَله الْمُلُوك وَأَنه يُرِيد إصْلَاح الطَّرِيق فَلَمَّا اسْتَقر صَاحب التَّرْجَمَة في مَدِينَة السُّلْطَان أَضَافَهُ وَأكْرم أَصْحَابه وَأَرَادَ أَن يخلع عَلَيْهِ خلعة حَرِير خَالص وسوارين من الذَّهَب فَقَالَ لَهُ هَذَا لَا يحل في شريعتنا وَكَانَ لصَاحب التَّرْجَمَة في تِلْكَ الْبِلَاد صولة عَظِيمَة حَتَّى كَانَ أَصْحَابه يبطشون بالنصارى إِذا تعرضوا لَهُم ويضربونهم وشاع عِنْد الْحَبَشَة أَن الْعَرَب الَّذين هم أَصْحَاب المترجم لَهُ يَأْكُلُون النَّاس فزادت مهابتهم فِي صُدُورهمْ وَكَانَ أعظم معِين لَهُم على ذَلِك البنادق فإنه لَا يعرفهَا أهل الْحَبَشَة إِذْ ذَاك ولولاهى مَا قدرُوا على مُرُور الطَّرِيق فإنهم كَانُوا ينصبون عَلَيْهِم كالجراد فيرمونهم بالبنادق فيقتلون مِنْهُم وينهزمون ويفزعون لأصواتها وتأثيرها ثمَّ لما أيس صَاحب التَّرْجَمَة من إسلام السُّلْطَان طَالبه بالإذن لَهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى ديار الْإِسْلَام فتثاقل عَنهُ ثمَّ بعد حِين أذن لَهُ وَكَانَ لايصحى من شرب الْخمر فعين لَهُ وقتًا يصل اليه للوداغ وَترك شرب الْخمر في ذَلِك الْيَوْم وَجمع وزراءه وأمراءه وأعيان دولته فَأمر صَاحب التَّرْجَمَة أَصْحَابه أَن يرموا بالبنادق عِنْد وصولهم إلى بَاب السُّلْطَان كَمَا يَفْعَله أهل الْيمن ويسمون ذَلِك تعشيرة

1 / 190