هذا جواب لكتاب وصلني من زنجبار ، مجادلا فيه عن إخوان الكفار ، عبدة الدرهم والدينار ، وذلك حين نزع الله حكومة زنجبار من أيدي المسلمين بما كسبت أيدهم . وسلط عليهم عدوهم ، بما تركوه من أوامر ربهم ، فاحتلها النصارى بالمكر والخداع ونصبوا لهم أنواع الحيل السالبة للدين رغبة في سلب دينهم كما سلبوا دنياهم فيكونون فيه سواء ، فمال إليهم من لا خلاق له من جهال المسلمين ، ومن زاغ عقله عن سنن الدين ، فتزينوا بملابسهم ، وعوجوا ألسنتهم بلغاتهم ، وخالطوهم في مدارسهم ، وعاونوهم في محاكمهم التي هي بيت الظلم ومستقر البوار ، فصدرت مني إليهم إشارة بالنصيحة عن هذا الاعوجاج ، ومطالبة الرجوع إلى أقوم المنهاج فصدر منهم هذا الهذيان ، الذي يزعمون أنه من الاحتجاج ، فلم أر بدا من جوابهم ، خوف الوعيد المذكور في قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا ظهرت البدع في أمتي فعلى العالم أن يظهر علمه ، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل منه صرف ولا عدل )) رواه جابر بن زيد مرسلا وفي الجامع الصغير من رواية ابن عساكر عن معاذ : (( إذا ظهرت البدع ، ولعن آخر هذه الأمة أولها ، فمن كان عنده علم فلينشره ، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله على محمد )) ووفاء بالعهد المأخوذ على العلماء في قوله تعالى : (( وإذا أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه )) ثم جعلت في ذلك فصول .
مخ ۳