أجل، قد بلغنا المدينة المحجوبة ودخلناها وأقمنا فيها وملأنا روحنا من أريجها، وقلبنا من أسرارها، وجيوبنا من لؤلؤها وياقوتها، فمن ينكر علينا ما شاهدناه وعرفناه كان ناكرا لذاته أمام الله.
نجيب (متأنيا) :
ما أنا، يا سيدتي، سوى طفل يلثغ متلعثما بما يريد بيانه، فإن سألتك عن أمر فبخشوع أسأل، وإن استقصيت أمرا فبإمعان وإخلاص. فهلا جعلت عطفك علي شفيعا بي لديك إذا ما أتعبت سرك بسؤالاتي الكثيرة؟
العلوية :
سل ما شئت، فقد جعل الله الحقيقة ذات أبواب يفتحها بوجه من يطرقها بيد الإيمان.
نجيب :
هل دخلت إرم ذات العماد بالجسد أم بالروح؟ وهل هي مدينة مصنوعة من عناصر الأرض المتبلورة وقائمة في بقعة معلومة من الأرض، أم هي مدينة روحية ترمز عن حالة روحية يبلغها أنبياء الله وأولياؤه في غيبوبة يلقيها الله نقابا على نفوسهم؟
العلوية :
ليس ما نراه على الأرض وما لا نراه سوى حالات روحية، وأنا قد دخلت المدينة المحجوبة بجسدي وهو روحي الظاهرة، ودخلتها بروحي وهي جسدي الخفي. ومن يحاول التفريق بين ذرات الجسد كان في ضلال مبين. إنما الزهرة وعطرها شيء واحد. فالأعمى الذي ينكر لون الزهرة وصورتها قائلا: «ليست الزهرة سوى عطر يتموج في الأثير»، ليس هو إلا كالمزكوم الذي يقول: «ليست الأزهار غير صور وألوان».
نجيب :
ناپیژندل شوی مخ