فتذكر ابن العراب عند ذلك تلك الحادثة التي مرت به عندما كان بضيافة المرأة، وكيف أنها لم تتمكن من تنظيف المائدة إلا بعد أن غسلت تلك الخرقة التي كانت تمسح بها، كذلك هو لم يتمكن من تطهير قلب غيره إلا بعد أن طهر ذات نفسه، ثم استطرد اللص حديثه قائلا: «ولكن حتى ذلك الوقت كنت معجبا بك فقط، ولم تؤثر نصائحك في نفسي تأثيرها المطلوب إلا بعد ما علمت أنك لا تهاب الموت.»
فتذكر ابن العراب حينئذ ما رآه من أمر الصناع الذين كانوا يحاولون إحناء القطعة الخشبية، وأنهم لم يتمكنوا من ذلك إلا بعد أن ثبتوا الكتلة في مكانها تمام الثبات، فعلم أن نصائحه لم تؤثر في اللص ذلك التأثير البليغ إلا بعد أن طرح عن نفسه رداء الخوف من الموت، وأشعر قلبه حلاوة الإيمان الصادق، ثم ختم اللص حديثه قائلا: «ولكن لم يحترق قلبي بنار التوبة والإخلاص إلا حينما رأيتك تشفق علي وتبكي لأجلي!»
عند ذلك أخذ ابن العراب بيده وذهب به حيث الأعواد الثلاثة فرأى أن الحياة قد دبت في الثالثة أيضا، فأشرق شعاع الأمل بين جوانب نفسه، وعلم أن الله قد تقبل توبته، وغفر خطيئته، وتذكر كيف أن الرعاة لم تتمكن من إحراق الأعشاب وإضرامها إلا بعد أن ذكت النار تماما، فعلم أن اللص لم تتم توبته إلا بعد أن ذكت نفس مرشده تماما، عند ذلك قضى نحبه قرير العين هنيء البال، بعدما أفضى إلى اللص بكل ما علمه وتعلمه، ثم أوصاه بإرشاد الناس إلى طريق الخير بالقدوة الصالحة والمثل الطيب.
الحكاية الخامسة
مكيدة شيطانية
وأما الخمر فهي تزيل عقلا
فتحت به مغالق مبهمات
ولو ناجتك أقداح الندامى
عدت عن حملها متندمات
تذيع السر من حر وعبد
ناپیژندل شوی مخ