بدایع الفواید
بدائع الفوائد
خپرندوی
دار الكتاب العربي
د ایډیشن شمېره
الأولى
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
معاصر
وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ﴾ وقوله: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ وقوله: ﴿لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ وجاء ذكر البنين مقدما كما في قوله: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾ وقوله: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ﴾ فأما تقديم الأموال في تلك المواضع الثلاثة فلأنه ينتظمها معنى واحد وهو التحذير من الاشتغال بها والحرص على تحصيلها حتى يفوته حظه من الله والدار الآخرة فهي في موضع عن الإلتهاء بها وأخبر في موضع أنها فتنة وأخبر في موضع آخر أن الذي يقرب عباده إليه إيمانهم وعملهم الصالح لا أموالهم ولا أولادهم ففي ضمن هذا النهي عن الاشتغال بها عما يقرب إليه ومعلوم أن اشتغال الناس بأموالهم والتلاهي بها أعظم من اشتغالهم بأولادهم وهذا هو الواقع حتى إن الرجل ليستغرقه اشتغاله بماله عن مصلحة ولده وعن معاشرته وقربه وأما تقديمهم على الأموال في تينك الآيتين فلحكمة باهرة وهي أن براءة متضمنة لوعيد من كانت تلك الأشياء المذكورة فيها أحب إليه من الجهاد في سبيل الله ومعلوم أن تصور المجاهد فراق أهله وأولاده وآبائه وإخوانه وعشيرته تمنعه من الخروج عنهم أكثر مما يمنعه مفارقته ماله فإن تصور مع هذا أن يقتل فيفارقهم فراق الدهر نفرت نفسه عن هذه أكثر وأكثر ولا يكاد عند هذا التصور يخطر له مفارقة ماله بل يغيب بمفارقة الأحباب عن مفارقة المال فكان تقديم هذا الجنس أولى من تقديم المال وتأمل هذا الترتيب البديع في تقديم ما قدم وتأخير ما أخر يطلعك على عظمة هذا الكلام وجلالته فبدأ أولا بذكر أصول العبد وهم آباؤه المتقدمون طبعا وشرفا ورتبة وكان فخر القوم بآبائهم ومحاماتهم عنهم أكثر من محاماتهم عن أنفسهم وأموالهم وحتى عن أبنائهم ولهذا حملتهم محاماتهم عن آبائهم ومناضلتهم عنهم إلى أن احتملوا القتل وسبي الذرية ولا يشهدون على آبائهم بالكفر والنقيصة ويرغبون عن دينهم لما في ذلك من إزرائهم بهم ثم ذكر الفروع وهم الأبناء لأنهم يتلونهم في الرتبة وهم أقرب أقاربهم إليهم وأعلق بقلوبهم وألصق بأكبادهم من الإخوان
1 / 75