144

بدایع الفواید

بدائع الفوائد

خپرندوی

دار الكتاب العربي

د ایډیشن شمېره

الأولى

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

معاصر
قوله للصديق "كما أنت " رواه الطبراني فأنت مبتدأ والخبر محذوف فلا مصدر هنا إذ لا فعل فمن قال إنها مصدرية فقد غلط وإنما هي مهيأة لدخول الكاف على ضمير الرفع والمعنى كما أنت صانع أو كما أنت مصل فدم على حالتك ونظير ذلك أيضا وقوعها بين بعد والفعل نحو قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ﴾ ليست مصدرية كما زعم أكثر النحاة بل هي مهيأة لدخول بعد على فعل كاد إذ لا يصاغ من كاد وما مصدر إلا أن يتجشم له فعل بمعناه يسبك منها ومن ذلك الفعل مصدر وعلى ما قررناه لا يحتاج إلى ذلك ويؤيد هذا قول الشاعر: أعلاقة أم الوليد بعدما ... أفنان رأسك كالثغام المخلس أفلا تراها هاهنا حيث لا فعل ولا مصدر أصلا فهي كقوله كما أنت مهيأة لدخول بعد على الجملة الابتدائية ولكن الخبر في البيت مذكور وهو في قوله كما أنت محذوف فإن قلت: فما بالهم لم يدخلوها في قبل كافة لها مهيأة لدخولها على الفعل والجملة قبلما يقوم زيد وقبل ما زيد قائم قلت لا تكون ما كافة لأسماء الإضافة وإنما تكون كافة للحروف وبعد أشد مضارعة للحروف من قبل لأن قبل كالمصدر في لفظها ومعناها تقول جئت قبل الجمعة تريد الوقت الذي تستقبل في الجمعة فالجمعة بالإضافة إلى ذلك الوقت قابله كما قال الشاعر: نحج معا قالت أعاما وقابله ... فإذا كان العام الذي بعد عامك يسمى قابلا فعامك الذي أنت فيه قبل ولفظه من لفظ قابل فقد بان لك من جهة اللفظ والمعنى أن قبل مصدر في الأصل والمصدر كسائر الأسماء لا يكف به ولا يهيأ لدخول الجمل بعد وإنما ذلك في بعض الحروف العوامل لا في شيء من الأسماء وأما بعد فهي أبعد عن شبه المصدر وإن كانت تقرب من لفظ بعد ومن معناه فليس قربها من لفظ المصدر كقرب قبل ألا ترى أنهم لم يستعملوا من لفظها اسم فاعل فيقولون للعام الماضي الباعد كما قالوا للمستقبل القابل فإن قلت: فما تقول في

1 / 145