بدایع الفواید
بدائع الفوائد
خپرندوی
دار الكتاب العربي
د ایډیشن شمېره
الأولى
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
معاصر
المعبودات تنقل الكافرين أما المسألة الرابعة: وهي أنه لم يأت النفي في حقهم إلا باسم الفاعل وفي جهته جاء بالفعل المستقبل تارة وباسم الفاعل أخرى فذلك والله أعلم لحكمة بديعة وهي أن المقصود الأعظم براءته من معبوديهم بكل وجه وفي كل وقت فأتى أولا بصيغة الفعل الدالة على الحدوث والتجدد ثم أتى في هذا النفي بعينه بصيغة اسم الفاعل الدالة على الوصف والثبوت فأفاد في النفي الأول أن هذا لا يقع مني وأفاد في الثاني أن هذا ليس وصفي ولا شأني فكأنه قال: عبادة غير الله لا تكون فعلا لي ولا وصفا فأتى بنفيين لمنفيين مقصودين بالنفي وأما في حقهم فإنما أتى بالاسم الدال على الوصف والثبوت دون الفعل أي أن الوصف الثابت اللازم العائد لله منتف عنكم فليس هذا الوصف ثابتا لكم وإنما ثبت لمن خص الله وحده بالعبادة لم يشرك معه فيها أحدا وأنتم لما عبدتم غيره فلستم من عابديه وإن عبدوه في بعض الأحيان فإن المشرك يعبد الله ويعبد معه غيره كما قال أهل الكهف: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ﴾ أي اعتزلتم معبودهم إلا الله فإنكم لم تعتزلوه وكذا قال المشركون عن معبودهم: ﴿مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى﴾ فهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه غيره فلم ينتف عنهم الفعل لوقوعه منهم ونفي الوصف لأن من عبد غير الله لم يكن ثابتا على عبادة الله موصوفا بها فتأمل هذه النكتة البديعة كيف تجد في طيها أنه لا يوصف بأنه عابد الله وعبده المستقيم على عبادته إلا من انقطع إليه بكليته وتبتل إليه تبتيلا لم يلتفت إلى غيره لم يشرك به أحدا في عبادته وأنه وإن عبده وأشرك به غيره فليس عابدا لله ولا عبدا له وهذا من أسرار هذه السورة العظيمة الجليلة التي هي إحدى سورتي الإخلاص التي تعدل ربع القرآن كما جاء في بعض السنن وهذا لا يفهمه كل أحد ولا يدركه إلا من منحه الله فهما من عنده فلله الحمد والمنة وأما المسألة الخامسة: وهي أن النفي في هذه السورة أتى بأداة لا دون لن وذلك لأن النفي ب لا أبلغ منه ب لن وأن لا أدل على دوام النفي
1 / 137