بدائع البدائه
بدائع البدائه
إلى عضد الدولة فنا خسرو جام بهطة بيضاء عليها لوز منصف، وكان ينادمه رجل من أهل الأدب، قلما يحضر شيء على المائدة إلا قال فيه شعرًا له أو لغيره، فاستدعى منه عضد الدولة أن يصفها فأرتج عليه، فارتجل عضد الدولة:
بهطة تعجز عن وصفها ... يا مدعي الأوصاف بالزور
كأنها في الجام غذ زينت ... لآلي في ماء كافور
وشرب السري الموصلي يومًا مع جماعة من أصحابه
بالقفص في حانةٍ لبعض الخمارين، فأقاموا نهارهم يديرون من الكئوس شعلا يلهبها الماء ويزول برشفها الظماء، وبين أيديهم أسد قد نظم من الورد، فقال السري بديهًا:
رب أيامٍ على القفص لنا ... لانرى مثلها طول الأبد
غيضة ريحاننا الغض بها ... أسد من غابة الورد ورد
ما رأى الناس ندامي قبلنا ... شربوا الراح على وجه الأسد
قال علي بن ظافر: ذكرت بهذا قول ابن الخياط الدمشقي بديهًا في مثله:
لنا أسد ورد سبانا به الهوى ... وما كان يهوى قبله الأسد الورد
له وردة حمراء في فيه غضة ... يرى عاديًا منها وإن كان لايعدو
كليثٍ قريبٍ بالفريسة عهده ... فباقي دم المفروس في فمه يبدو
وحكى أبو الفضل الهمذاني
قال: قال الصاحب يومًا لجلسائه وأنا فيهم، وقد جرى ذكر أبي فراس: لايقدر أحد أن يزور على أبي فراس شعرًا، فقلت: ومن يقدر أن يزور عليه وهو الذي يقول - وارتجلت:
رويدك لا تصل يدها بباعك ... ولا تعن السباع على رباعك
ولا تعن العدو على إني ... يمين إن قطعت، فمن ذراعك
فقال الصاحب: صدقت، فقلت: أيد الله مولانا، قد فعلت.
وروى ابن الصابي في كتاب الوزراء
قال: كان في مجلس الصاحب متكلم يعرف بابن الحضيري، فغلبه النوم يومًا في المجلس، فكانت منه فلتة، فقام خجلا، فقال فيه الصاحب ارتجالا:
يا ابن الحضيري لا تذهب على خجل ... من ضرطةٍ أشبهت نايًا على عود
فإنها الريح لا تسطيع تحبسها ... إذ أنت لست سليمان بن داود
وأنبأني ذو النسبتين الحافظ أبو الخطاب بن دحية
عن الأستاذ المفيد أبي
1 / 199