Bada'i al-Silk fi Taba'i al-Mulk
بدائع السلك في طبائع الملك
ایډیټر
علي سامي النشار
خپرندوی
وزارة الإعلام
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
۱۳۹۸ ه.ق
د خپرونکي ځای
العراق
الْفَائِدَة الْخَامِسَة ضَمَان الْجنَّة بِهِ فَفِي الصَّحِيح عَن حَمَّاد ﵁ قَالَ سَمِعت رَسُول الله ﷺ يَقُول أهل الْجنَّة ثَلَاثَة ذوسلطان مقسط وَرجل رَحِيم رَقِيق الْقلب لكل ذِي قربى مُسلم وعفيف متعفف ذُو عِيَال
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة فِي مَصَالِحه الدُّنْيَوِيَّة وَهِي جملَة
الْمصلحَة الأولى ظُهُور رُجْحَان الْعقل بِهِ قيل لبَعْضهِم من أرجح الْمُلُوك عقلا وأكملهم أدبا وفضلا قَالَ من صحب أَيَّامه بِالْعَدْلِ وتحرز جهده من الْجور وَلَقي النَّاس بالمجاملة وعاملهم بِالْمَسْأَلَة وَلم يُفَارق السياسة مَعَ لين فِي الحكم وصلابة فِي الْحق فَلَا يَأْمَن مَا الجريء بطشه وَلَا يُخَالف البريء سطوته
الْمصلحَة الثَّانِيَة كَمَال النِّعْمَة الطائلة بِهِ
قَالُوا إِذا رَأَيْت الْحُكَّام يتنافسون فِي الْعَدَالَة ويجتنبون الفسوق والجهالة فَتلك نعْمَة طائلة وَإِذا رَأَيْت الْجور فاشيا وَالْعدْل مطرحا مُنْكرا فَتلك نعْمَة زائلة
قلت وَقد تقدم أَن التنافس فِي خلال الْخَيْر من عَلَامَات الترشح للْملك وَبِالْعَكْسِ
الْمصلحَة الثَّالِثَة دوَام الْملك بِهِ فَفِي بعض الحكم أَحَق النَّاس بدوام الْملك وباتصال الْولَايَة أقسطهم بِالْعَدْلِ فِي الرّعية وأخفهم عَنْهَا كلا ومؤونة وَمن أمثالهم من جعل الْعدْل عدَّة طَالَتْ بِهِ الْمدَّة
طَلْحَة على عبد الْملك بن مَرْوَان وَكَانَ الْحجَّاج لما ولي الْحَرَمَيْنِ بعد قتل ابْن الزبير استحضر إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة فقربه وَأعظم مَنْزِلَته فَلم تزل تِلْكَ حَالَة حَتَّى خرج بِهِ إِلَى عبد الْملك فَخرج بِهِ مَعَه معادلا لَهُ لَا يقصر لَهُ فِي بر وَلَا إكرام حَتَّى حضر بَاب عبد الْملك فَلَمَّا دخل عيه لم يبْدَأ بِشَيْء بعد السَّلَام أَن قَالَ لَهُ قدمت عَلَيْك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ بِرَجُل الْحجاز لم أدع لَهُ بهَا نظيرا فِي الْفضل وَالْأَدب والمروءة وَحسن الْمَذْهَب مَعَ قرَابَة الرَّحِم وَوُجُوب الْحق وَعظم قدر الْأُخوة وَمَا بلوت مِنْهُ فِي الطَّاعَة والنصيحة وَحسن المؤازرة وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن طَلْحَة وَقد أحضرته ببابك ليسهل عَلَيْهِ إذنك وتعرف لَهُ مَا عرفتك قَالَ أذكرتنا رحما قريبَة وَحقا وَاجِبا يَا غُلَام أيأذن لَهُ فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ أدناه حَتَّى أجلسه على فرَاشه ثمَّ قَالَ لَهُ يَا ابْن طَلْحَة إِن أَبَا مُحَمَّد أذكرنا مَا لم نزل نعرفك بِهِ من الْفضل وَالْأَدب وَحسن الْمَذْهَب مَعَ قرَابَة الرَّحِم وَوُجُوب الْحق وَعظم قدر الْأُخوة وبلاده مِنْك بِالطَّاعَةِ وَحسن المؤازرة فَلَا تدعن حَاجَة فِي خاصتك وعامتك إِلَّا ذكرتها فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أولى الْحَوَائِج وأحق مَا قدم بَين يَدي الإِمَام مَا كَانَ لله رضى ولخق نبيه ﷺ أَدَاء وَلَك فِيهِ ولجماعة الْمُسلمين نصيحة وَعِنْدِي نصيحة لَا أجد بدا من ذكرهَا وَلَا أقدر على ذَلِك وَلَا أَنا خَال فأخلني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ترد عَلَيْك نصيحتي قَالَ دون أبي مُحَمَّد قَالَ دون أبي مُحَمَّد فَقَالَ عبد الْملك للحجاج قُم فَلَمَّا تخطرف السّتْر أقبل عَليّ فَقَالَ يَا ابْن طَلْحَة قل نصيحتك قلت تالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِنَّك عَمَدت إِلَى الْحجَّاج فِي تغطرسه وتعجرفه وعده من الْحق وقربه من الْبَاطِل فوليته الْحَرَمَيْنِ وهما هما وَبِهِمَا من بهما من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار والموالي البررة الأخيار يطأهم بالعسف ويسومهم
1 / 231