1
واندلع اللهب في بيوت الخزرج ونخيلهم وزرعهم، وعلا الصياح والعويل من كل جانب، ولكن عز ذلك على بني الأشهل،
3
فما أن أودى صاحب الأمر فيهم وهو حضير حتى نهضوا يجيرون بني الخزرج، وصاح صائح منهم بصوت جهير يكفهم عند الأذى فقال: يا معشر الأوس! أحسنوا! لا تهلكوا إخوانكم فجوارهم خير من جوار الثعالب.
4
يعني اليهود حلفاءهم من بني قريظة وبني النضير، فانتهى الأوس عنهم ولم يسلبوهم، ولكن اليهود أخذوا في السلب والنهب، وأمعنوا في قتل المستضعفين، وطالبوا برقاب بعض من اشتدوا عليهم في القتال من الخزرج، أو رأوا أنهم قتلوا لهم في المعمعة أحدا ممن كانوا يعزونه ويكرمونه، وإذ كان ورقة قد قتل لهم عملاقهم وفارسهم المعلم وهو يدافع عن زعيم بيت بني النجار أسعد بن زرارة طلبوه في كل مكان حتى اقتحموا عليه بيت أسعد نفسه وهو جريح في فراشه؛ ليطلبوا القود منه، ولكن أخاه في الإسلام إياس بن معاذ كان قد علم من قبل بما بيتوا، فأرسل في العشية غلاما له ينذره ويأتي به في الحمى من أطمه، وإذ كان قد أجاره ولم يجز اليهود إجارته بل أقسموا ليقتلنه ولو حمته السماء، فقد أمر غلامه أن يخرج به إلى ما وراء يثرب، ثم خرج وراءهما من ناحية أخرى، والتقوا في طريق الشام، وساروا حتى بلغوا ساحة بعاث.
هناك وقفوا وصلوا على قبر صاحبهم الكامل سويد بن الصامت فقد كان قتل في تلك الملحمة، وهناك ودع ورقة وداع الأخ أخاه، ودعا له بالسلامة، وأوصى غلامه أن يكون في خدمته حتى يبلغ به أيلة
5
أو ما يشاء، فشكره ورقة على بره به، وقبله وحمله تحية وسلاما إلى بني النجار، وأوصاه أن يحذر اليهود، ويحذر كذلك عبد الله بن أبي بن سلول، وألا يركن إليه؛ لأنه إذا كان قد خان الخزرج وهم قومه، فحري به أن يخون الأوس، ونصحه أن يمضي في نشر دين الله في يثرب، فما يرأب الصدع الذي بين الأخوين - الأوس والخزرج - إلا اجتماعهما على الإسلام، وأوصاه كذلك أن يحبب إلى الفريقين مبايعة رسول الله على الهجرة إليهم وتولي أمورهم، فوعده إياس بذلك، ودعا ورقة له بالتوفيق.
عاد إياس إلى يثرب، وانصرف ورقة والعبد الأشهلي من فورهما يضربان في طريق الشام، ولكنهما لم يلتزما طريق القافلة تفاديا من أن يتعقبهما متعقب من قريظة فذهبا إلى حرة خيبر، وهي واد خصيب لبطن من قريظة والنضير تخترقه الأنهار، وتزينه الزروع والنخيل والبساتين الجماء، وتحرسه على جوانبه حصون لهم وآطام،
ناپیژندل شوی مخ