90

إلا ان هذا الدليل إنما يدل على بطلان التسلسل فى العلل الفاعلية أو المستقلة دون العلل مطلقا ولا محذور فيه ، لانه كما لا يبطل التسلسل فى المعلولات يجوز أن لا يبطل التسلسل فى العلل مطلقا بناء على ان المقصود هاهنا ابطال التسلسل فى الجملة. وأما ابطاله مطلقا فانما هو بادلة أخرى.

وقد يجاب بأن المفروض فى السلسلة المذكورة أن يكون لكل من واحد آحادها علة مستقلة فيها ، فعلى هذا يلزم توارد العلتين المستقلتين على معلول واحد قطعا.

وفيه نظر ، لان العلة المستقلة لا يجب أن تكون موجودة ، فلو كان الكلام السابق فى العلة المستقلة للممكن لم يحصل هناك سلسلة فضلا عن سلسلة غير متناهية موجودة ، فليتأمل.

فان قلت ، الحكم ببطلان التسلسل فيما سبق كان مقدمة لدليل إثبات الواجب ، فلو كان قوله لأن جميع آحاد تلك السلسلة الخ ، دليلا على هذه المقدمة ومن مقدماته إثبات الواجب حيث قال فيكون واجبا بالضرورة يلزم الدور والمصادرة على المطلوب.

قلت ، يمكن تقرير هذا الدليل بأن التسلسل مستلزم لوجود سلسلة جامعة لجميع الممكنات ووجود تلك السلسلة مستلزم لوجود الواجب المؤثر فيها ، ووجود الواجب المؤثر فيها مستلزم لانقطاع السلسلة على ما عرفت بيانه ، فيكون وقوع التسلسل مستلزما لانتفائه ، ضرورة ان المستلزم للمستلزم للشىء مستلزم لذلك الشيء ، وما كان وقوعه مستلزما لانتفائه له يكون باطلا قطعا. وعلى هذا لا يستدعى قوله فيكون واجبا بالضرورة أن يكون إثبات الواجب من مقدمات دليل إبطال التسلسل حتى يستلزم المصادرة على المطلوب. نعم لو اكتفى فى موجد تلك السلسلة بكونه موجدا خارجا عنها ، ولم يتعرض يكونه واجبا لكفى إبطال التسلسل وسلم عن توهم الدور. وهذا أيضا يؤيد أن يكون قوله ولأن بالواو العاطفة دليلا آخر على إثبات الواجب على وفق ما اشتهر فيما بينهم ، على ما لا يخفى.

أقول : يمكن أن يستدل على بطلان التسلسل المذكور بأن يقال جميع آحاد تلك

مخ ۹۶