لم يكن يقدر هذا كله، وإنما كان يعلم يقينا لا يخالطه الظن، أن هذه القناة عالم آخر مستقل عن العالم الذي كان يعيش فيه، تعمره كائنات غريبة مختلفة لا تكاد تحصى؛ منها: التماسيح التي تزدرد
1
الناس ازدرادا، ومنها المسحورون الذين يعيشون تحت الماء بياض النهار وسواد الليل، حتى إذا أشرقت الشمس أو غربت طفوا يتنسمون الهواء،
2
وهم حين يطفون خطر على الأطفال وفتنة للرجال والنساء. ومنها: هذه الأسماك الطوال العراض التي لا تكاد تظفر بطفل حتى تزدرده ازدرادا، والتي قد يتاح
3
لبعض الأطفال أن يظفروا في بطونها بخاتم الملك؛ ذلك الخاتم الذي لا يكاد الإنسان يديره في إصبعه حتى يسعى إليه دون لمح البصر خادمان من الجن يقضيان له ما يشاء، ذلك الخاتم الذي كان يتختمه سليمان فيسخر له الجن والريح وما شاء من قوى الطبيعة. وما كان أحب إليه أن يهبط في هذه القناة لعل سمكة من هذه الأسماك تزدرده فيظفر في بطنها بهذا الخاتم؛ فقد كانت حاجته إليه شديدة ... ألم يكن يطمع على أقل تقدير في أن يحمله أحد هذين الخادمين إلى ما وراء هذه القناة ليرى بعض ما هناك من الأعاجيب! ولكنه كان يخشى كثيرا من الأهوال قبل أن يصل إلى هذه السمكة المباركة.
على أنه لم يكن يستطيع أن يبلو
4
من شاطئ هذه القناة مسافة بعيدة؛ فقد كان هذا الشاطئ محفوفا عن يمينه وعن شماله بالخطر، فأما عن يمينه فقد كان هناك العدويون، وهم قوم من الصعيد يقيمون في دار لهم كبيرة يقوم على بابها دائما كلبان عظيمان لا ينقطع نباحهما، ولا تنقطع أحاديث الناس عنهما، ولا ينجو المار منهما إلا بعد عناء ومشقة، وأما عن شماله فقد كانت هناك خيام يقيم فيها «سعيد الأعرابي» الذي كان الناس يتحدثون بشره ومكره وحرصه على سفك الدماء، وامرأته «كوابس» التي كانت قد اتخذت في أنفها حلقة من الذهب كبيرة، والتي كانت تختلف
ناپیژندل شوی مخ