123

تصريف الرياح: باختلاف مهابها مرة صبا ومرة دبور ومرة شمالية ومرة غربية أو مرة ملقحة ومرة عقيم.

معنى الآيتين:

لما أوجب الله على العلماء بيان العلم والهدى وحرم كتمانهما أخبر أنه الإله الواحد الرحمن الرحيم وأن هذا أول ما على العلماء أن يبينوه للناس وهو توحيده تعالى في ربوبيته وعبادته وأسمائه وصفاته، ولما سمع بعض المشركين تقرير هذه الحقيقة : وإلهكم إله واحد قالوا: هل من دليل - يريدون على أنه لا إله إلا الله - فأنزل الله تعالى هذه الآية: { إن في خلق السموت والأرض } إلى قوله { يعقلون } مشتملة على ست آيات كونية كل آية برهان ساطع ودليل قاطع على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وهي كلها موجبة لعبادته وحده دون من سواه.

الأولى: خلق السماوات والأرض وهو خلق عظيم لا يتأتى إلا للقادر الذي لا يعجزه شيء.

الثانية: اختلاف الليل والنهار بتعاقبهما وطول هذا وقصر ذاك.

الثالثة: جريان الفلك - السفن - في البحر على ضخامتها وكبرها وهي تحمل مئات الأطنان من الأرزاق وما ينتفع به الناس في حياتهم.

الرابعة: إنزاله تعالى المطر من السماء لحياة الأرض بالنباتات والزروع بعد جدبها وموتها.

الخامسة: تصريف الرياح حارة وباردة ملقحة وغير ملقحة، شرقية وغربية وشمالية وجنوبية بحسب حاجة الناس وما تطلبه حياتهم.

السادسة: السحاب المسخر بين السماء والأرض تكوينه وسوقه من بلد إلى آخر ليمطر هنا ولا يمطر هناك حسب إرادة العزيز الحكيم.

ففي هذه الآيات الست أكبر برهان وأقوى دليل على وجود الله تعالى وعلمه وقدرته وحكمته ورحمته وهو لذلك رب العالمين وإله الأولين والآخرين ولا رب غيره ولا إله سواه. إلا أن الذي يجد هذه الأدلة ويراها ماثلة في الآيات المذكورة هو العاقل أما من لا عقل له لأنه عطل عقله فلم يستعمله في التفكير والفهم والإدراك، واستعمل بدل العقل الهوى فإنه أعمى لا يبصر شيئا وأصم لا يسمع شيئا، وأحمق لا يعقل شيئا، والعياذ بالله تعالى.

ناپیژندل شوی مخ