زما ورقې ... زما ژوند (لومړی برخه)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
ژانرونه
كلمة «العقباوي» ترن في أذني مع كلمات أخرى مثل: العقاد، بنبا قادق، القلعة، العنبري، روماتزم العمود الفقري، كلمات مترابطة داخل سلسلة واحدة في ذاكرتي مع الزقاق المظلم في حي العنبري قرب القلعة، الغرفة الرطبة من البلاط، أصابتني الآلام في عمودي الفقري، بنبا قادق الثانوية يسقط أخي فيها آخر العام. العقاد يتحدث عنه العقباوي مع عمي الشيخ محمد، القرآن يرتله عمي قبل أن ينام، الأذان ينطلق قبل الفجر من الجامع مثل قذائف المدفع، مدرستي الثانوية السنية تحولت إلى قلعة، سجن كبير يحوطه سور حجري قرب جامع السيدة زينب، الشحاذون وأصحاب العاهات أمام باب الجامع يلهثون: «شلاه يا ست!»
أمشي كل صباح من بيت عمي إلى المدرسة، مسافة تستغرق الساعة، أحمل حقيبة مليئة بالكتب والكراريس، جسمي أصبح مائلا على جنب، أحس الألم في مؤخرة العمود الفقري وساقي اليسرى، أجلس في منتصف الطريق لأستريح، أصل المدرسة بعد أن يضرب الجرس، أجد الباب الخشبي مغلقا، أدق الباب بقبضة يدي، بابا ضخما أسود من أبواب السجون، يحرسه بواب عملاق من الصعيد فوق جبهته تكشيرة غائرة في اللحم تشبه تكشيرة الناظرة، أصابع يدي تتورم في أيام البرد، ثقل الحقيبة محفور في بطن اليد، الألم يمتد من ذراعي إلى كتفي، يهبط عبر العمود الفقري إلى ساقي اليسرى، أدق الباب، أصابعي المتورمة تنز الدم، أبتلع الدموع واقفة في الشارع، لعاب ممزوج بالملح، طنط هانم أصبحت الملاك الأبيض في جنة مفقودة.
لا ينفتح الباب، أعود أدراجي إلى غرفتي المعتمة، أذاكر دروسي تحت الغطاء في السرير البارد من الصاج، أجلس على الكرسي الخشبي مخلخل الأرجل، أنحني بظهري فوق المنضدة المنخفضة، لمبة كهربية (20 وات) تشع ضوءا أصفر يخفت في النهار عن الليل.
إذا اشتد الدق على الباب أو إذا أراد الله الفرج، أسمع الصرير أشبه بمفاصل عظام مصابة بالروماتيزم، يطل وجهه العملاق الأسود، يضغط على أسنانه الكبيرة البيضاء تصطك، الصرير أشبه بصرير الباب: ممنوع الدخول بأمر الست الناظرة، مفهوم! - لازم أقابل الناظرة يا عم عبد الله! - ممنوع المجابلات مع الست الناظرة، ممنوع، مفهوم!
يطرقع الباب بالصرير منغلقا. •••
في إجازة العيد سافرت مع أخي إلى منوف، أسعل حين أنهض في الصباح، أمشي محنية الظهر، جسمي مائل على جنب، أخذني أبي إلى الدكتور حنا (صديقه القديم)، فحصني في غمضة عين، قرص خدي: بنتك زي الحصان يا سيد بيه، عاوزة شوية حديد وزرنيخ يجمد عضامها، طولت بسرعة أوي، بقت أطول مني، ما شاء الله!
قامتي أصبحت أطول من قامة الدكتور حنا، أطول من أخي الأكبر طلعت، أطول من كل زميلاتي في المدرسة، متى حدث هذا الطول السريع؟!
صحوت من النوم فوجدت يدي تصل إلى مفاتيح الراديو فوق الرف العالي، بالأمس لم أصل إليها، أكانت عظامي تطول في الليل حين أفرد ذراعي وساقي؟! أصبحت أنام مكورة حول نفسي كالجنين في النهار، أقوس ظهري، أنحني للأمام، في كتاب المطالعة الرشيدة: «القامة الطويلة ميزة الرجال، القامة القصيرة ميزة النساء والأنوثة.» المرأة الجميلة عظامها دقيقة هشة، يمامة كتكوتة، تتهشم في العناق.
عظامي طويلة قوية مثل الحصان، لا شيء فيها قابل للكسر، أمشي كل يوم ساعتين حاملة حقيبتي الثقيلة، أدوس على الألم وأمشي، خطوتي ليست سريعة كما كانت، أمشي ولا أتوقف حتى باب المدرسة، هذا الباب هو نجاتي، الثغرة الوحيدة في جدار حياتي، أنفذ منه إلى حياة أخرى ليست للغرفة المظلمة الشبيهة بالقبر.
اشتد بي الألم، فأخذني أبي إلى الطبيب في ميدان كبير اسمه الإسماعيلية، طنط فهيمة قالت إنه أشهر طبيب في مصر في أمراض العظام.
ناپیژندل شوی مخ