228

زما ورقې ... زما ژوند (لومړی برخه)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

ژانرونه

ذات يوم جاءتني صديقة جديدة من الأديبات، دق الجرس، فتح لها الباب وأدخلها غرفة الاستقبال، سألتني «جوزك اللي فتح لي الباب؟» ترددت قليلا «لأ مش هو» ثم تراجعت وقلت «أيوه هو .» كان في نظر العالم رجلا وسيما مملوءا بالرجولة، لكن عين الأديبة تكشف ما تحت الجلد. جلست أمامها في غرفة الاستقبال أتفادى النظر إلى عينيها، كانت لي هاتان العينان قبل الزواج، كأنما في حياة سابقة كنت مثل زرقاء اليمامة أرى ما لا يراه الناس، فما الذي حدث لأفقد البصر؟

كنت أمسك عقله الأبيض المرتخي أدلكه وأجادله؛ لتسري فيه دماء حمراء بدل الزرقاء، كنت أقاوم الطبيعة، ويصيبني الإعياء أو المرض، لا يعرف هو ما يعتريني، يتطلع في الشقة الواسعة لا يعرف لماذا لا أفرح، الأثاث الفاخر، الفساتين الحريرية التي اشتراها لي، والشباشب ذات الوردة الذهبية والكعوب الرفيعة العالية، وفخذة الخروف المشوية فوق المائدة والسيارة الطويلة أمام الباب، وصوته يزعق «عاوزة إيه أكثر من كده؟» أمسح دموعي حائرة مذهولة، أتهم نفسي بفقدان البصر، كيف لا أرى كل هذه النعم؟

أعود إلى طبيعتي الأولى، وتنقلب النعم إلى النقم، كلمتان متشابهتان رغم التناقض، لا يفرق الواحدة عن الأخرى إلا نقطة أو نقطتان.

في السابعة من عمري ضربني المدرس على أصابعي بالمسطرة بسبب نقطة حبر سقطت من سن القلم، تحولت كلمة بعل إلى بغل، لم أعرف حينئذ أن كلمة بعل تعني الزوج. وفي مرة أخرى سقطت نقطتان من الحبر فوق كلمة اللاه، أصبحت اللاة، لم أعرف أنها مؤنث كلمة اللاه، وتعني الإلهة الأنثى التي كان يعبدها العرب ثم حرم الإسلام عبادتها.

شطب المدرس بالقلم الحبر الأحمر على الكلمة ولسعني بالعصا الخيزران.

كانت الرواية هي هدف حياتي، قررت تأجيل موتي حتى أنتهي منها، دربت يدي اليسرى على الكتابة، أصبحت أكتب باليدين الاثنتين، أستبدل الواحدة بالأخرى حين يحل بإحداهما التعب، أحتضن القلم بين أصابعي وأكتب. يتسلل نور النهار من شقوق الشيش وأنا منكفئة فوق الأوراق، أسمع زقزقة العصفور فوق شجرة الكافور تفرد ريشها تحت أشعة الشمس، تلتقي عيناها بعيني وتبتسم ثم تطير محلقة في الجو.

كان هو يشاركني السرير، لا شيء يفسد الحياة الزوجية إلا السرير المشترك، والحمام المشترك، انتهاكات يومية للحياة الخاصة.

صحوت من النوم ذات يوم رأيته يقرأ أوراقي، كأنما كان ينتهك جسدي، ربما كان انتهاك الجسد أقل ألما. سمعت صوتي يقول: دي أوراقي مش من حقك تقرأها!

رأيته يمسك الرواية، يلقي بها من النافذة، وجدتني أقفز وراء الرواية من النافذة، تصورت أنني بهذه القفزة سوف أنقذها.

هذه اللحظة كان يمكن أن تنهي حياتي، أن يتحطم رأسي فوق الأسفلت، لم تكن لحظة جنون، كنت عاقلة في كامل الوعي، كانت لي تجربة سابقة، قفزت من سور الشرفة فلم أفقد حياتي، كسر في الريدياس اليمنى ثم التأم العظم. هذه الرواية سهرت عليها الليالي والأيام، والشهور والسنين، أكثر من ثلاثمائة ورقة بحجم الفولسكاب الكبير، عقلي قال في تلك اللحظة: إن أنقذت الرواية أنقذت حياتي.

ناپیژندل شوی مخ