209

زما ورقې ... زما ژوند (لومړی برخه)

أوراقي … حياتي (الجزء الأول)

ژانرونه

انتهى الفيلم بعد منتصف الليل، أطفأ شريف جهاز الفيديو، ذهبنا معا إلى النوم، أصبح لكل منا غرفة نوم مستقلة، داخل كل غرفة مكتب صغير ومكتبة لها رفوف تحمل الكتب والأوراق والصور وخطابات الحب السرية، تعودت الكتابة والنوم داخل غرفة خاصة، لها باب لا يفتحه أحد، الكتابة مثل النوم تحتاج إلى الصمت المطبق، الصمت داخل الصمت.

منذ الطفولة تفزعني الأفلام كأنما هي الحقيقة، يفزعني الظلام في الليل، أتسلل من سريري لأنام بجوار أمي أو أختي، تجاوزت الستين عاما والطفلة في أعماقي هي الطفلة، أخاف الظلام حين أمشي وحدي في الليل، منظر الدم في الأفلام يرتعد له جسدي، يسألني شريف كيف اشتغلت طبيبة وجراحة في مستشفى الصدر بالجيزة؟ وكيف أمسكت المشرط في يدك وفتحت الصدر والبطن دون أن يطرف لك جفن؟

وأقول لشريف: إنها امرأة أخرى تلك التي اشتغلت بالطب والجراحة، أو ربما يختلف الدم المراق تحت أيدي الأطباء والطبيبات عن الدم المراق تحت أيدي العساكر والأزواج. •••

صور من الماضي ماتت وراحت في العدم، أحاول استعادتها دون جدوى، اللون الأحمر القاني يلطخ السطح الأبيض، مشهد أراه في النوم حين يغيب الوعي، حين يتسرب اللاوعي إلى الوعي، منذ الطفولة يرتعد جسدي لمنظر الدم.

قطرة حمراء فوق ملاءة السرير البيضاء، من أين يأتي الدم في الطفولة؟ ولماذا يتكرر دون انقطاع؟ منذ التاسعة من عمري رأيت الدم في الفراش، تعودت رؤيته الشهر وراء الشهر، السنة وراء السنة حتى أدبرت طفولتي.

لم تعد البقعة الحمراء فوق الملاءة تفزعني، أصبح غيابها هو المفزع، أفتح عيني كل صباح وأبحث عن البقعة الحمراء فوق الملاءة، في ملابسي، في ثنايا النسيج الأبيض أبحث عن قطرة واحدة حمراء.

تمط سامية شفتيها الرفيعتين وتقول: هذه أشياء غير مهمة يا نوال، المهم قضية تحرير العمال والفلاحين من الرأسمالية والإمبريالية. ويضحك شريف حين يسمعها تنطق هذه العبارة في نفس واحد، يعرف أنها صديقتي منذ المدرسة الثانوية في حلوان الداخلية، وقد أصبحت زميلة له في حزب اليسار منذ أكثر من نصف قرن.

رغم الاختلاف تستمر صداقتي بها، الصداقة القديمة منذ الطفولة تصبح مثل علاقات الدم، حين كتبت عام 1965 عن الختان ومشاكل المرأة الجنسية قالت: إنني أخون القضية الوطنية. وفي عام 1972 حين كتبت عن النظام الطبقي الأبوي، قالت: لا يوجد إلا النظام الطبقي فقط أو المشكلة الاقتصادية. وفي عام 1982 حين بدأنا نشكل تنظيما للنساء اعترضت، وقالت: لا تمثل النساء طبقة ولا يحق لهن تكوين تنظيم مستقل. ثم نطقت كلمة «فيمنيست» وهي تمط شفتيها الرفيعتين بامتعاض .

لكن سامية تغيرت مع مرور الأعوام، وفي عام 1995 حضرت مؤتمرا للمرأة في نيويورك، ثم عادت تتحدث عن النظام الطبقي الأبوي. وفي عام 1997 أصبحت ترأس تنظيما نسائيا مستقلا، ومجلة للمرأة من النوع الفيمنيست. وفي عام 1998 بعد أن أصدر وزير الصحة قرارا بمنع ختان البنت فتح شريف الجريدة ذات صباح، رأى صورة سامية تتلقى الجائزة أو الوسام باعتبارها الرائدة في مجال النضال ضد الختان. •••

في المدرسة الثانوية كانت البنات يبحثن في ثنايا ملابسهن الداخلية عن القطرة الحمراء، كان اختفاء الدم في حياة البنت يعني كارثة، تخشى البنات الحمل السفاح.

ناپیژندل شوی مخ