زما ورقې ... زما ژوند (لومړی برخه)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
ژانرونه
دخلت كلية الطب خريف 1948م، السنة الأولى التي يسمونها الإعدادية، نتلقى المحاضرات في مبنى كلية العلوم في المبنى الرئيسي للجامعة.
كلمة «الجامعة» كان لها رنين ساحر في الآذان ... جامعة فؤاد الأول في الجيزة، القبة الضخمة والساعة المنتصبة في السماء تدوي بشكل مهيب تقشعر له الأبدان، لم يكن يدخلها إلا الرجال، ثم فتحت أبوابها أخيرا للنساء. في القاعات يجلس الطلبة إلى جوار الطالبات ... الدقات تتصاعد تحت ضلوعي لمجرد الفكرة ... أيمكن أن يكون هناك اختلاط بين البنات والجنس الآخر من الرجال؟! ثلاث كلمات تجعل الدم العذري يصعد إلى وجهي: الاختلاط، الجنس، الرجال.
لم يكن الاختلاط بين الجنسين مباحا إلا في مدارس رياض الأطفال وفي الجامعة، بينهما كان الاختلاط ممنوعا؛ أي في المدارس الابتدائية والثانوية، قضيت عشر سنوات في هذه المدارس (أربع سنوات في الابتدائية وست سنوات في الثانوية).
عضلة القلب تنتقض وأنا أمشي في الشارع قبل أن أدخل من الباب، كأنما سأقع في حب أول رجل ألتقي به في الجامعة، أشد عضلات وجهي وجسمي، أرسم فوق جبهتي تكشيرة وأمط شفتي. السابعة عشرة من عمري، ياه! سبعتاشر سنة؟! يرن الرقم في أذني ضخما، كأنما سبعون أو سبعمائة، منذ بلغت السابعة من عمري يقولون عني كبيرة، أكبر البنات ... جميع البنات في آل سعداوي وشكري بيه تزوجن وأصبحن أمهات قبل أن يبلغن السابعة عشرة من عمرهن.
كان لعمي الشيخ محمد ابنة من زوجته الأولى في كفر طحلة اسمها فوزية، كان يمكن أن تدخل الجامعة مثلي، لكنه زوجها من مدرس في قرية اسمها «بلتان» بجوار كفر طحلة، «الاختلاط في الجامعة فيه خطورة على البنت يا سيد أفندي.» يهمس عمي في أذن أبي بصوت كفحيح الشيطان ... تتصدى له أمي بصوتها العالي: «بنتنا نوال نرميها في النار ترجع سليمة، نوال غير كل البنات يا شيخ محمد.»
كلمات أمي تنتشلني عاليا فوق رءوس البنات كما كانت ذراعاها ترفعانني فوق أمواج البحر وأنا طفلة. منذ دخلت كلية الطب تناديني أمي بلقب الدكتورة، أبي يمنحني هذا اللقب أمام الضيوف فحسب، يمط عمي الشيخ بوزه في ضيق كأنما بيني وبينه ثأر قديم أو عداء موروث مجهول الأصل، لم يكن ينطق باسمي، يناديني بكلمة واحدة، هي: «يا بت!» ترن في أذني نابية، فلا أرد عليه، «أنا باكلمك يا بت ردي علي.» أعطيه ظهري كأنما هو غير موجود، «رايحة فين يا بت، تعالي هنا سمعي سورة البقرة، انتي حافظة القرآن ولا لأ ، كتاب ربنا أحسن لك يا بت من كتب الطب! القرآن جامع شامل لكل العلوم ... وانت يا واد يا طلعت، تعالى هنا جنبي سمع سورة البقرة!»
كان أخي طلعت أكثر جرأة مني، يرد على عمي الشيخ ساخرا: «أنا اسمي الأستاذ طلعت، الموسيقار الكبير.» ينتفض عمي الشيخ من فوق الكنبة كمن لسعته أفعى، تقفز العمامة البيضاء الكبيرة من فوق رأسه، يمسكها بيديه الاثنتين وهو يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، يهرول داخل قفطانه الواسع.
كانت له مشية تشبه زوجته في حي العنبري كالبطة المزقمة، جسمه قصير ممتلئ باللحم، له كرش مرتفع مثل امرأة حامل، ساقاه رفيعتان تتأرجحان ويجري وراء أخي: «تعالى هنا يا واد يا قليل الأدب!»
لم يكن يكسب في هذه المباراة إلا اللهاث، نسمع صوت الهواء يخرج من فمه وأنفه وربما أيضا أمعائه، كانت زوجته الثانية لا تكف عن إطعامه بالفتة والكوارع بالثوم ومحشي الكرنب، وكان أخي طلعت لا يكف عن الضحك ويسد أذنيه بأصابعه إذا رآه يدخل المرحاض.
لم يكن أخي طلعت يفعل هذه الأشياء إلا في غياب أبي، أمي تكون بعيدة عنا في المطبخ، تأتي إلينا حين يرتفع صوت عمي الشيخ وهو يؤنبنا نحن الاثنين، كنت أشارك أخي هذه الشقاوة الصغيرة، والتي كانت مصدر بعض المباهج الكبيرة في حياتنا.
ناپیژندل شوی مخ