څون معبود
عون المعبود شرح سنن أبي داود
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثانية
د چاپ کال
۱۴۱۵ ه.ق
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
د حدیث علوم
التَّسْلِيمُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَوْلُهُ تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي
أَنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ خِلَافًا لِسَعِيدٍ وَالزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ إِنَّ الْإِحْرَامَ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ وَقَوْلُهُ التَّكْبِيرُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ إِحْرَامِ الصَّلَاةِ بِالتَّكْبِيرِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
أَكْبَر مِنْهُ وَتَحَقَّقَ قَلْبه ذَلِكَ وَأَشْرَبَهُ سِرّه اِسْتَحَى مِنْ اللَّه وَمَنَعَهُ وَقَاره وَكِبْرِيَاؤُهُ أَنْ يشغل قلبه بغيره وما لَمْ يَسْتَحْضِر هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ وَاقِف بَيْن يَدَيْهِ بِجِسْمِهِ وَقَلْبه يَهِيم فِي أَوْدِيَة الْوَسَاوِس وَالْخَطَرَات وَبِاَللَّهِ الْمُسْتَعَان
فَلَوْ كَانَ اللَّه أَكْبَر مِنْ كُلّ شَيْء فِي قَلْب هَذَا لَمَا اِشْتَغَلَ عَنْهُ وَصَرَفَ كُلِّيَّة قَلْبه إِلَى غَيْره كَمَا أَنَّ الْوَاقِف بَيْن يَدَيْ الْمَلِك الْمَخْلُوق لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبه أَعْظَم مِنْهُ لَمْ يَشْغَل قَلْبه بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَصْرِفهُ عَنْهُ صَارِف
فَصْلٌ الْحُكْم الثَّالِث قَوْله تَحْلِيلهَا التَّسْلِيم وَالْكَلَام فِي إِفَادَته الْحَصْر كَالْكَلَامِ فِي الْجُمْلَتَيْنِ قَبْله
وَالْكَلَام فِي التَّسْلِيم عَلَى قِسْمَيْنِ أَحَدهمَا أَنَّهُ لَا يَنْصَرِف مِنْ الصَّلَاة إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ
وَهَذَا قَوْل جُمْهُور الْعُلَمَاء
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَتَعَيَّن التَّسْلِيم بَلْ يَخْرُج مِنْهَا بِالْمُنَافِي لَهَا مِنْ حَدَثٍ أَوْ عَمَل مُبْطِل وَنَحْوه
واستدل له بحديث بن مَسْعُودٍ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ فِي تعليمه التشهد وبأن النبي لَمْ يُعَلِّمهُ الْمُسِيء فِي صَلَاته وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَعَلَّمَهُ إِيَّاهُ وَبِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاة فَإِنَّهُ يُنَافِيهَا وَيَخْرُج بِهِ مِنْهَا وَلِهَذَا لَوْ أَتَى بِهِ فِي أَثْنَائِهَا لَأَبْطَلَهَا وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا عُلِمَ أَنَّهُ شُرِعَ مُنَافِيًا لَهَا وَالْمُنَافِي لَا يَتَعَيَّن
هَذَا غَايَة مَا يُحْتَجّ لَهُ بِهِ
وَالْجُمْهُور أَجَابُوا عَنْ هَذِهِ الْحُجَج
أما حديث بن مَسْعُودٍ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطِيبُ وَالْبَيْهَقِيُّ وَأَكْثَر الْحُفَّاظ الصَّحِيح أَنَّ قَوْله إِذَا قُلْت هَذَا فَقَدْ قضيت صلاتك من كلام بن مَسْعُودٍ فَصَّلَهُ شَبَابَةُ عَنْ زُهَيْرٍ وَجَعَلَهُ مِنْ كلام بن مَسْعُودٍ وَقَوْله أَشْبَهَ بِالصَّوَابِ مِمَّنْ أَدْرَجَهُ وَقَدْ اتفق من روى تشهد بن مَسْعُودٍ ﵁ عَلَى حَذْفه
وَأَمَّا كون النبي لَمْ يُعَلِّمهُ الْمُسِيء فِي صَلَاته فَمَا أَكْثَر مَا يُحْتَجّ بِهَذِهِ الْحُجَّة عَلَى عَدَم وَاجِبَات فِي الصَّلَاة وَلَا تَدُلّ لِأَنَّ الْمُسِيء لَمْ يُسِيء فِي كُلّ جُزْء مِنْ الصَّلَاة فَلَعَلَّهُ لَمْ يُسِيء فِي السَّلَام بَلْ هَذَا هُوَ الظَّاهِر فَإِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الْخُرُوج مِنْهَا إِلَّا بِالسَّلَامِ
وَأَيْضًا فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ أَسَاءَ فِيهِ لَكَانَ غَايَة مَا يَدُلّ عَلَيْهِ تَرْك التَّعْلِيم اِسْتِصْحَاب بَرَاءَة الذِّمَّة مِنْ الْوُجُوب فَكَيْف يُقَدَّم عَلَى الْأَدِلَّة النَّاقِلَة لِحُكْمِ الِاسْتِصْحَاب
وَأَيْضًا فَأُنْتَمَ لَمْ تُوجِبُوا فِي الصَّلَاة كُلّ مَا أُمِرَ بِهِ الْمُسِيء فَكَيْف تَحْتَجُّونَ بِتَرْكِ أَمْره عَلَى عَدَم الْوُجُوب وَدَلَالَة الْأَمْر عَلَى الْوُجُوب أَقْوَى مِنْ دَلَالَة تَرْكه عَلَى نَفْي الْوُجُوب فَإِنَّهُ قَالَ إِذَا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكَبِّرْ وَلَمْ تُوجِبُوا التَّكْبِير وَقَالَ ثُمَّ اِرْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنّ رَاكِعًا وَقُلْتُمْ لَوْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَة لَمْ تَبْطُل صَلَاته وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا
1 / 64