114

Awn al-Hanan fi Sharh al-Amthal fi al-Quran

عون الحنان في شرح الأمثال في القرآن

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

ويحرّم عليهم الخبائث، أى كالدم، ولحم الخنزير، والربا، وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ، أى ثقلهم الذى كان يحمل عليهم، وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ من الدين والشريعة، وذلك مثل قتل النفس فى التوبة، وقطع الأعضاء الخاطئة، وقرض النجاسة من البدن، والثوب بالمقراض، وغير ذلك من الشدائد التى كانت على بنى إسرائيل، شبهت بالأغلال التى تجمع اليد إلى العنق، كما أن اليد لا تمتد مع وجود الغل، فكذلك لا تمتد على الحرام الذى نهيت عنه، وكانت هذه الأثقال فى شريعة موسى، ﵇، فلما جاء محمد ﷺ نسخ ذلك كله، ويدل عليه قوله ﷺ: «بعثت بالحنفية السهلة السمحة».
فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أى بمحمد ﷺ، وَعَزَّرُوهُ أى وقّروه وعظموه، وأصل التعزير المنع والنصرة، وتعزير النبى ﷺ تعظيمه، وإجلاله، ودفع الأعداء عنه، وَنَصَرُوهُ على أعدائه وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أى القرآن، سمى نورا لأنه به تستنير قلوب المؤمنين، فتخرج من ظلمات الشك والجهالة إلى ضياء اليقين والعلم.
ولا يقال: إن القرآن ما أنزل مع شخص محمد ﷺ، وإنما نزل مع جبريل. لأنا نقول:
معناه لأنه أنزل مع شخصه ﷺ؛ لأن نبوّته ظهرت مع ظهور القرآن، ثم إنه تعالى لما ذكر هذه الصفات، قال: أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، أى الفائزون بالمطلوب فى الدنيا والآخرة.
عموم الدعوة الإسلامية:
وقوله سبحانه: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:
١٥٨]، هذا أمر الله تعالى لنبيه بإشهار دعوته، وهذه من خصائصه ﷺ من بين سائر الرسل، فإنه ﷺ بعث إلى الناس كافة، وإلى الجن عامة، وكل نبى بعث إلى قومه خاصة، لقوله ﷺ: «أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلى: أرسلت إلى الأحمر والأسود، وجعلت لى الأرض مسجدا وطهورا، ونصرت على عدوى بالرعب منى مسيرة شهر، وأطعمت الغنيمة دون من قبلى، وقيل لى: سل تعطه، واختبأت شفاعتى لأمتى».
فإن قيل: كان آدم، ﵇، مبعوثا إلى جميع أولاده، ونوح لما خرج من السفينة كان مبعوثا إلى الذين كانوا معه، مع أن جميع الناس فى ذلك الزمان ما كانوا إلا ذلك القوم. أجيب بأن ذلك لم يكن لعموم رسالتهما، بل للحصر المذكور، فليس ذلك من باب عموم الرسالة.

1 / 116