د خزاڼ لومړنۍ: يوې سپینو لوري کیسه

راشه صلاح دخخني d. 1450 AH
75

د خزاڼ لومړنۍ: يوې سپینو لوري کیسه

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

ژانرونه

3

عادت السكينة، التي كانت قد استحوذت على أوليفيا أثناء جلوسها بمفردها إلى جوار جثمان ابنها المتوفى، إليها تدريجيا مع انتهاء فورة الانفعال المصاحبة لمراسم الجنازة. بالطبع، شعرت لأول مرة بالامتنان للأجواء العبثية والفاترة التي غزت هذا العالم الهادئ القديم. وللحظة هدأت تلك الأجواء من روعها حين أرادت أن تترك وشأنها لتنعم بالسكينة، بعد أن فقدت كل مظاهر الاهتمام بالحياة. أدركت يقينا أن موت ابنها لم يكن مأساة في حد ذاته؛ وإنما تمثلت المأساة الوحيدة في الحياة المضطربة والأليمة واليائسة التي عاشها. والآن، بعد سنوات كثيرة جدا من القلق والتوتر، كان ثمة شعور بالسكينة بدا غريبا ولكنه مستساغ نوعا ما ... لحظات كان يغشاها فيها شعور بعزلة عميقة وشافية أثناء استلقائها على كرسي المضجع بجوار النافذة المطلة على الأهوار. وحتى زيارات العمة كاسي، التي كان من شأنها أن تشق طريقها عنوة إلى غرفة أوليفيا من منطلق أداء «الواجب»، ما كانت تترك إلا انطباعا مبهما كالحلم. صارت السيدة المسنة يوما بعد يوم أشبه بذبابة طنانة نشطة، صار طنينها نائيا ومبهما أكثر، مثل طنين ذبابة تحوم عند زجاج نافذة يسمعها النائم من خلال الحجب التي يسدلها النوم.

من نافذتها، كانت أحيانا ترى الرجل المسن من بعيد، يستقل بمفرده عربة يجرها الحصان الأبيض الطاعن في السن عبر الحقول، وأحيانا كانت تلمح جسده المنحني ممتطيا الفرس الحمراء الجامحة على الطرق الترابية. لم يعد يركب الفرس بمفرده؛ إذ رضخ إلى تحذيرات هيجينز الملحة من طباع الفرس الحادة، وسمح للسائس أن يرافقه، ليسير دائما إلى جواره أو خلفه قليلا ليحرسه، ممتطيا حصان البولو الصغير الحجم بسلاسة وخيلاء جعلتا الحصان وفارسه يبدوان كائنا واحدا ... أشبه بالقنطور. وعلى صهوة حصان، بدا أن قبح الرجل النشيط الشهواني الضئيل البنية يتوارى. بدا الأمر وكأنه ولد هكذا، على صهوة حصان، وأنه يشعر بالارتباك والقلق عندما يسير على قدميه.

وكانت أوليفيا تدرك الفكرة التي تراود دوما عقل حميها أثناء ركوبه الحصان عبر الحقول الجرداء الصخرية. كان يفكر طوال الوقت في أن كل هذه الأراضي الشاسعة، وكل هذه الثروة الطائلة، وحتى الأكوام التي كانت العمة كاسي تكدسها بحرص، ستئول ذات يوم إلى عائلة تحمل اسما آخر، ربما اسم لم يسمع عنه من قبل مطلقا.

لن يعود ثمة وجود لآل بينتلاند. ستكون سيبيل وزوجها أثرياء، بل وفاحشي الثراء، بأموال عائلة بينتلاند وأموال أوليفيا ... ولكن لن يعود ثمة وجود لأفراد يحملون اسم بينتلاند. لقد آل كل شيء إلى نهايته في هذا ... العقم والاندثار. وبعد مرور مائة عام أخرى، سيبقى الاسم، إن ظل قائما من الأساس، مجرد ذكرى، محفوظة في صفحات كتاب آنسون.

في النهاية أثرت حالة الكآبة الجديدة، التي خيمت على المنزل، حتى على معنويات سيبيل، الشابة الغضة والمتشوقة جدا لخوض تجارب جديدة، وكأن تلك الحالة عفن فطري سام تغلغل في روحها. لاحظت أوليفيا هذا لأول مرة في فتور غامض معين بدا أنه يؤثر على كل تصرف من تصرفات الفتاة، ثم في تنهيدة خافتة عابرة تنم عن الإجهاد، وفي زيارات الفتاة لغرفتها، وفي الطريقة التي زهدت بها طواعية قضاء الأمسيات في منزل «بروك كوتيدج» لتبقى في البيت مع والدتها. لاحظت أن سيبيل، التي كانت دوما تتحلى بالحماس البالغ، قد مستها نزعة من العقم الذي كانت (أوليفيا) قد قاومته طويلا. وكانت سيبيل، سيبيل من بينهم جميعا، هي الوحيدة التي تمتلك فرصة النجاة.

كانت تقول في نفسها: «يجب ألا أضغط عليها. يجب ألا أكون مثل هذه النوعية من الأمهات اللاتي يفسدن حياة أبنائهن.»

وعندما كان جون بينتلاند يأتي ليجلس إلى جوارها فاتر الهمة، صامتا أحيانا، وفي أحيان أخرى مختلقا أحاديث فارغة لم تكن تعني شيئا، بغية إخفاء يأسه، لاحظت أنه، هو الآخر، كان يأتي ليستمد منها القوة التي لا يستطيع أحد سواها أن يمنحها له. فحتى السيدة سومز المسنة خذلته، إذ أصابها المرض مرة أخرى ولم تتمكن من مقابلته إلا لبضع دقائق كل يوم. (كان رأي سابين، الذي عبرت عنه أثناء إحدى زياراته الصباحية، أن هذه النوبات المرضية المفاجئة الغريبة كانت بسبب تعاطي جرعات زائدة من المخدرات.)

لذا، أدركت أن تخليها عن النضال الآن سيجعلها تندرج في خانة الجبناء، واستيقظت ذات صباح عند الفجر تقريبا لترتدي ملابس ركوب الخيل، وتخرج مع سيبيل عبر المروج الرطبة لتلتقي بأوهارا. عادت وقد اختفى بعض من شحوبها واستعادت تقريبا روحها المرحة، وارتفعت روحها المعنوية بفعل الهواء الطلق، والتواصل مع أوهارا، والشعور بمواصلة النضال مرة أخرى.

ولاحظت سابين، التي تتسم باليقظة دوما، الفارق وأرجعته إلى وجود أوهارا وحده، وفي هذا لم يجانبها الصواب كثيرا؛ فنظرا لاستقراره هنا في دورهام، أثر وجوده على أوليفيا تأثيرا بالغا باعتباره شخصا لم يكن له ماض وإنما مستقبل. فمعه كانت تستطيع أن تتحدث عن أشياء مستقبلية؛ عن خطته للمزرعة التي اشتراها، وعن مستقبل سيبيل، وعن مساره المهني الرائع المتسم بالتهور. •••

ناپیژندل شوی مخ