83

اتیاف من حیات می

أطياف من حياة مي

ژانرونه

أما العفو، فلفظة هائلة أوقفتني متهيبا خجولا، إن الروح النبيلة التي تتواضع إلى هذا الحد لهي أقرب إلى الملائكة منها إلى البشر، أنا المسيء وحدي وقد أسأت إليك في سكوتي، وفي قنوطي؛ لذلك أستعطفك أن تغفري لي ما فرط مني وتسامحيني!»

ثم يتحدث عن كتابها «باحثة البادية»، فيمتدحه دون أن ينقده، ويقول: «وغدا بعدما يطرح الزمن ما يكتبه الكتاب وينظمه الشعراء في هوة النسيان، يظل كتاب «باحثة البادية» موضوع إعجاب الباحثين والمفكرين.

أنت يا مي صوت صارخ في البرية، وأنت صوت رباني، والأصوات الربانية تبقى متموجة في الغلاف الأبدي حتى نهاية الزمن!»

ثم يجيبها على سؤالها عن ملابسه، وعن ألوانها وعاداته في لبسها، فيقول: «من عاداتي - يا مي - أن أرتدي بذلتين في وقت واحد، بذلة من نسج النساجين، وبذلة من لحم ودم وعظام. أما اليوم، فإني أرتدي ثوبا واحدا طويلا وسيما عليه أثر الحبر والألوان، وهو بالإجمال لا يختلف عن ملابس الدراويش إلا بنظافته!

أنا أكره ملابس رجال الغرب؛ فهي بلا وزن ولا قافية، وإذا ما عدت إلى الشرق فلن ألبس إلا الملابس الشرقية القديمة.»

ويجيبها على سؤالها عن التدخين، فيقول: «ما أعذب هذا السؤال! وما أصعب الجواب عليه، هذا نهار تدخين، فقد حرقت منذ صباحه «مليون لفافة!»

والتدخين عندي لذة، لا عادة قاهرة؛ فقد يجيء الأسبوع الكامل ولا أدخن فيه سيجارة واحدة.

أما مكتبي، فلم يزل بلا سقف ولا جدران، وأبحار الرمل وبحار الأثير، فهي كما كانت بالأمس، عميقة كثيرة الأمواج، وبدون شواطئ، وأما شراع السفينة التي أخوض بها هذه البحار فهو غير منشور، فهل تستطيعين نشر شراع سفينتي؟

ها قد بلغت قمة عالية، فظهرت أمامنا سهول وغابات وأودية، فلنجلس هنيهة يا مي، ولنتحدث قليلا. نحن لا نستطيع البقاء هنا دائما، لأني أرى عن بعد قمة أعلى، وعلينا أن نبلغها قبل الغروب.

قد قطعنا عقبة صعبة المسالك، وقطعناها بشيء من التلبك، وإني أعترف لك بأني كنت لجوجا، وأعترف لك أني لم أكن حكيما في بعض الأحايين، ولكن أليس في الحياة ما لا تبلغه أصابع الحكمة؟ أليس في الحياة ما تتحجر الحكمة أمامه؟!

ناپیژندل شوی مخ