38

اتیاف من حیات می

أطياف من حياة مي

ژانرونه

ما أكثر الناس ولوعا بالأسماء الضخمة، ولكن فلنحجب قشرة الظواهر قليلا، يصبح امتحان الجوهر ميسورا. ما الكليات إلا كتاتيب تعلم المبادئ والمبدئيات، والمرء بادئ أبدا مهما كبر علمه، واتسعت معارفه.

إذا كانت المدارس الابتدائية تعلمنا القراءة، فإن الكليات والجامعات لا تعلمنا إلا ذلك، تلك تعلمنا كيفية جعل الحروف كلمات وعبارات، وهذه تعودنا تحويل الكلمات والجمل معاني وأفكارا، تلك تلقننا أبجدية اللغة، وهذه تدفع إلينا أبجدية العلم، أي أبجدية الحياة والنور.

ولئن كثر الجالسون على مقاعد الجامعات، وكثرت العيون المحدقة بحروف الضياء الخفي، فما أندر العقول المتنبهة لهمس الوحي، وأقل الأيدي التي ما تسرب النور إلى ثنايا فكرها يوما إلا رفعت مصباح العرفان تهزه في جو الحياة.

هذا ما أردت أن أحيي به الدكتور هوردبلس، وأحيي في شخصه الكلية التي أنجبت لنا من أنجبت، الكلية التي تعلمت أنت فيها أبجدية النور.

والآن ألتفت إلى الزاوية اليمنى، فأرى الأثر النفيس الذي وضعته يدك الكريمة في تاريخ نهضتنا أولا، ثم في مكتبي هذا الصغير، فحق لي القول بأن مقتطفنا صار مقتطفي أنا.

فتحت اليوم أحد الأجزاء، فرأت عيني صورة رجل ترصع الأوسمة صدره، فقلت في نفسي إن أوسمتك أنت فوق جميع الأوسمة جمالا. كل سنة من سني المقتطف وسام خالد على صدرك لا ينال الصدأ من تبره، ولا تعرف الغش درره، بل إن ما فيه من السناء أبدي التألق على كر الدهور.

كلما عكفت على مطالعته رأيتني طفلة صغيرة، وخلتك نبيا يقودني بيدي في حديقة فكرية، أشجارها من غرس نشاطك، وأثمارها حركات قلمك، والأطيار المغردة على أفنانها خيالات أفكارك. فما أبصر شجرة أو ثمرة أو زهرة إلا سألتك، أهي من صنعك؟ فتضحك أنت من سذاجتي وتسير بي إلى ناحية جديدة من الحديقة الفيحاء، حيث أجد جمالا جديدا، وتنسيقا بديعا، وإعجابي وسروري يتجددان مع كل خطوة من خطواتي، أشكرك شكرا يعادل اغتباطي وفخري بهذه الهدية الثمينة.»

عكفت الآنسة مي على قراءة مجلدات المقتطف التي أهداها إليها مقالات دبجها عن بحيرة قارون بالفيوم بعنوان «فتاة اليوم» في رحلة قام بها، وقرأت وصفه لهذه البحيرة بأنها «استدارت على حواشي المرج كسيف سل على نجاد أخضر، وقامت جبال النوبة وراءها آكاما متساندة بين رمادي وبنفسجي حسبما يتعاقب عليه من ظلال الغيوم.»

أعجبها هذا الوصف الشاعري، فبعثت إليه تذكره بأنه شاعر، وتروي له شعرا في هذه البحيرة كان قد بعث به إليها في رسالة خاصة، وهو:

وقارون مرآة السماء وماؤها

ناپیژندل شوی مخ