فحسبي أن أزدهي
وحسبك أن تشتهي»
هذا ما ورد في الديوان، وليس صحيحا ذلك الذي نسب إليها لقولها لي - وهي الصادقة فيما تقول - إنها لم تقل طوال حياتها شعرا إلا شطرا واحدا في تلك المناسبة، ولأن تربيتها المحافظة التي يعرفها الجميع، وأخلاقها التي يغلب فيها الوقار والحياء، تأبى عليها أن ترسل شعرا في الحب لأحد من الناس مهما كان صديقا عزيزا، وإن كانت لها رسائل غرامية منثورة بينها وبين المرحوم جبران خليل جبران، ولكنها رسائل حب من نوع أدبي رفيع.
غرام صبري بالآنسة مي
على أن ما في ديوان إسماعيل صبري من الغزل ليس في الآنسة مي وحدها؛ لأن معظمه قيل قبل سنة 1911 ولم يعرفها إسماعيل صبري، بل لم تظهر في الحياة العامة إلا منذ سنة 1913 حين خطبت لأول مرة في حفلة تكريم خليل مطران بمناسبة الإنعام عليه بالوسام المجيدي، ثم صار يتردد هو وكبار الأدباء على صالونها بعد ذلك، وقال فيها شعرا بعضه مشهور وبعضه لم يشتهر أو لم يعرف. ولعل أكثر ما قاله من النسيب قبل ذلك كان في الأديبة اللبنانية ألكسندرة أفيرنيوه.
ولكنه لما عرف الآنسة مي، وكانت في ميعة الصبا وريق الشباب وهو في كهولته ومطلع شيخوخته تشبب بها، وهو الشاعر الكبير المرهف الحس، المشبوب العاطفة، وأخذ يفيض من معينه العذب، ويتدفق من بحره بالدر النفيس، وكان أول لقاء له حين بعث إلى والدها الأستاذ إلياس زيادة صاحب جريدة المحروسة يطلب أن يزوره ليتعرف إلى فتاته التي أعجبه إلقاؤها وخطبتها في حفلة تكريم مطران، وكانت وقتئذ قد بدأت تكتب في هذه الجريدة «يوميات فتاة»، فأجابه الأستاذ بالترحيب، وحدد له موعد الزيارة، فنظم إسماعيل صبري هذه الأبيات:
خبروني اليوم أني في غد
مالئ عيني منها ويدي
كيف يبقى من قضى الليل على
جرف هار إلى ذا الموعد
ناپیژندل شوی مخ