185

اعلم أن من لا يفرق بين الجمع المحلى باللام والمفرد كذلك فى جانب الكثرة يوافق من يفرق بينهما فى جانب القلة؛ إذ لا يصلح أن يراد بالجمع الجنس فى ضمن الواحد، اتفاقا بخلاف المفرد فإنه يصلح أن يراد به الجنس فى ضمن أى بعض إلى الواحد وهذا لا ينافى ما تقدم من أن الجمع المستغرق بطل جمعيته؛ لأنه من خواص الجمع المستغرق للزوم التكرار مع بقاء الجمعية، والمعرف بلام الجنس لا يستدعى بطلان الجمعية لعدم الموجب لا يقال: من حلف لا يتزوج النساء يحنث بتزوج واحدة وعليه قوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد (¬3) فقد أريد بالجمع المعرف باللام إلى الواحد؛ لأنا نقول هذا من قبيل المعرف بلام الاستغراق أى لا أتزوج واحدة من النساء فهو نظير ولا تكن للخائنين خصيما (¬4) أى لا تخاصم عن خائن، لما أثبت إفادة المعرف باللام الاستغراق بقوله تعالى: إن # الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات (¬1) فالنزاع فيها إما بالمعارضة أو النقض بأن يقال: لا يفيد الاستغراق للتنافى بين الاستغراق وإفراد الاسم، أو لو صح الدليل المذكور للزم تحقق المتنافيين أولا ثم توقف صحة الاسثناء على الاستغراق؛ لأنه يستحيل الاستغراق فى المفرد، وبهذا تبين أن حق ما ذكره من الجواب أن يذكر متصلا بقوله وقد يفيد الاستغراق نحو إن الإنسان لفي خسر يثبت الاستغراق ويستحق أن يذكر تقسيمه وحكمه وتحقيق الجواب المشار إليه بقوله (ولا تنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم) أى: كون الاسم مفردا مستدعيا للوحدة أو إفراد يفيده الاسم، فالإفراد بمعنى الوحدة كما سيأتى فى قوله:

وأما تنكيره فللإفراد (لأن الحرف) أى حرف التعريف الذى يكون إفادة الاسم الاستغراق بعد دخوله، وتفسيره بالحرف الدال على الاستغراق كما فى الشرح ينافي ما حقق أن مدلول الحرف ليس إلا التعريف، والاستغراق إنما يجىء من القرينة، وذكر الحرف تغليب، والواضح أن الاسم إنما يعتبر مفهومه فى ضمن جميع الإفراد مجردا عن معنى الوحدة، كيف وتنافي الاستغراق لا يختص استغراق المعرف باللام بل يجرى فى المضاف والموصول والمضاف إليه كل أيضا (إنما يدخل عليه) أى على الاسم المفرد وفيه أن الإشكال لا يخص المفرد؛ لأنه يتجه على قولك: ما جاءنى رجال وما جاءنى رجلان أيضا؛ لأن رجالا يدل على جماعة واحدة، والاستغراق يوجب تعدد الجماعة المقصودة أو على الاسم المفيد للإفراد والوحدة وحينئذ يتناول الجمع والتثنية فهذا التوجيه مرجح فاحفظه (مجردا) اسم فاعل حال من ضمير الحرف أو اسم مفعول حال من ضمير الاسم (عن معنى الوحدة) أنه يجعل الاسم بمعنى الحقيقة من حيث هى هى بحيث لا وحدة فيها ولا تكثر، بل هى قابلة لكل منهما فيضم الكثرة معها بقرينة الاستغراق، فإن قلت: هذا ظاهر فى قولك «الرجل» لخلوه عن التنوين الدال على الوحدة، وأما فى قولك ما جاءنى رجل أو رجال فمشكل لوجود الدال على الوحدة.

مخ ۳۲۶