176

وجعل الرضى علي وصف المنادي المبهم نحو: يا أيها الرجل وصف اسم الإشارة نحو هذا الرجل للعهد لكونه معلوما البحضور وتبعه الشارح المحقق وفيه تأمل؛ لأن الظاهر أنه لرفع الإبهام ودفع التباس في الإشارة الحسية ببيان الجنس وبه يشعر كلام النحاة فهو لتعريف الجنس، نعم يقع الجنس على حصة متعينة غاية التعين، وفرق بين المقصد بالعبارة وبين انصراف العبارة إليه، قيل ذلك مقيد بما إذا استعمل اسم الإشارة في المشاهد على ما هو وضعه أو ذكر اسم الإشارة على وجه الإهمال لا على وجه كلي أي: اسم الإشارة في الجملة فلا يرد أن اسم الإشارة قد يكون إشارة إلى الجنس الذي جعل وصفا له (أو إلى نفس الحقيقة) ومفهوم المسمى أو المفهوم المجازي فإن لام التعريف كما تدخل على الحقيقة تدخل على المجاز فيقول: الأسد الذي يرمي خير من الأسد المفترس والمراد الإشارة إلى المفهوم سواء اقتصر الحكم على المفهوم أو اقتضى صرفه إلى الفرد فالأول (كقولك: الرجل خير من المرأة) والثاني ما يشير إليه قوله وقد يأتي وقد يفيد، ولا يصح تقييد الحقيقة بما لم تعبر معه قصد الإفراد كما يشعر به كلام الشارح وأن يوهمه التمثيل وإلا فلا يصح جعل العهد الذهني والاستغراق داخلين تحته، وكون جنس الرجل خيرا من جنس المرأة لا ينافي كون شخص مرأة خيرا من شخص رجل فإن العوائق قد يمتنع عما يستعده الجنس وقد يكون الإشارة إلى نفس الحقيقة لدعوى اتحاده مع شيء وجعل قوله تعالى: أولئك هم المفلحون وهو الذي قصده جار الله تعالى حيث قال: إن معنى التعريف في (المفلحون) # الدلالة على أن المتقين هم الذين حصلت لهم صفة المفلحين وتحققوا ما هم وتصوروا بصورهم الحقيقة فهم لا يعدون تلك الحقيقة، كما تقول لصاحبك: هل عرفت الأسد؟ وما جبل عليه من فرط الإقدام، إن زيدا هو هو، ولا يخفى أنه أبلغ من قصد القصر ادعاء، ووصفه الشيخ في دلائل الإعجاز بنهاية الدقة حتى كأنه يعرف وينكر، ومن وهم من قوله لا يعدون تلك الحقيقة أنه جعله من قصر المسند إليه على المسند فلا يبالي به، وكيف وقد استولى عليه الوهم إلى أن قال:

إنه جعل ضمير الفصل لقصر المسند إليه على المسند ولم يعرف أنه في بيان معنى التعريف، وقد يشار إلى تعيين الجنس من حيث انتسابه إلى المسند إليه فيرجع التعيين إلى الانتساب كما فى بيت حسان:

[ووالدك العبد]

أى: ووالدك المعروف بالعبودية، وظاهر عبارته يشعر بأن لام الجنس إشارة إلى نفس المفهوم من غير زيادة، وذلك لا يقتضى تعريفا فى المفهوم حتى يعد معرفا لحصولها من نفس استعمال اللفظ، ويستدعى أن يجعل تعريف المعرف بلام الجنس تعريفا لفظيا لا يحكم به إلا لضبط أحكام اللفظ من غير حظ للمعنى فيه؛ كما قال بعض محققى النحاة: كل لام تعريف سوى لام العهد لا معنى للتعريف فيها، والناظرون فى المعانى لهم شرب آخر، ولا يلتفتون إلى هذا المورد، ولا ينظرون إلى هذا المحتد، ولا يعتبرون التعريف اللفظى، ولذلك تراهم طووا ذكر علم الجنس بأقسامه فى مقام التعرض للعلم وأحكامه فيجب أن يحمل قوله: «أو إلى نفس الحقيقة» على نفس الحقيقة باعتبار حضورها وتعينها وعهديتها فى الذهن، يرشدك إليه قوله فيما بعد «باعتبار عهديته فى الذهن» فإن قيل لم لم يجعل علم الجنس موضوعا لجوهره لما وضع له المعرف بلام الجنس؟ قلت: لأن اعتبار التعيين الذهنى تكلف إذ ليس نظر أرباب وضع اللفظ إلا على الأمور الخارجية، وذو اللام يدعو إليه لئلا يلغوا اللام، ولا داعى فيه فى نحو أسامة.

مخ ۳۱۷