Attributes of God and Their Impact on the Believer's Faith
صفات الله وآثارها فى إيمان العبد
ژانرونه
اختصاص الله تعالى بعلم الغيب
الغيب كله لله، ولا أحد يعلم الغيب مع الله جل في علاه، فإنَّ الله يقول: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾ [الجن:٢٦].
ويقول أيضًا: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا﴾ [الجن:٢٦] وأيضًا قول الله تعالى: ﴿قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ﴾ [النمل:٦٥].
وهذا أسلوب حصر، أي: لا يعلم الغيب إلا الله، لكن قد يشكل علينا قول النبي ﷺ: (كذب المنجمون ولو صدقوا) فأخبر النبي أنهم يصدقون في علم الغيب أحيانًا، فكيف يكون ذلك؟ نقول: إن الله جل وعلا قال: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر:١٨] فالنبي ﷺ أخبر أن الجن يركب بعضهم فوق بعض حتى يسترق المسترق منهم السمع، وذلك بأن الله جل وعلا يطلع الملائكة على شيء فيسمع الجني هذه الكلمة فيلقيها في أذن من تحته فقد تصل الكلمة قبل أن يصل الشهاب، وقد يحترق بالشهاب قبل أن يصل بهذه الكلمة، فإذا وصلت الكلمة يزيد عليها مائة كذبة.
ولذلك اختبأ النبي ﷺ خلف الأشجار لـ ابن صياد، فقالت أمه: (يا صاف! هذا محمد ﷺ، فجاء النبي ﷺ إليه فقال له: من يأتيك؟ قال: يأتيني صادق وكاذب -أي: يأتونه بكلمة صادقة ومائة كلمة كاذبة- قال: ماذا ترى؟ قال: أرى عرشًا على الماء، قال: إني قد خبأت لك خبيئة، فقال له: الدخ) ثم وقفت نفسه وما استطاع أن يكملها؛ وذلك لأن الملك نطق بكلمة (الدخان)، فسمعتها الجان التي فوق وأخذت تلقيها في أذن الجني الأسفل فقالت له: الدخ، ونزل الشهاب فقطع دابرها بفضل الله، فوقفت عند الدخ، فقال له النبي ﷺ: (اخسأ فلن تعدو قدرك)؛ لأنها من مسترق السمع.
فهذه دلالة على أن هذا ليس بغيب مطلق؛ لأن الله جل وعلا استثنى بقوله: ﴿إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ﴾ [الحجر:١٨] أي: إلا من استرق السمع فأخذ كلمة، وكذب عليها مائة كذبة، أما الرسول ﷺ فيدخل تحت قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ [الجن:٢٧] إلى آخر الآيات، وهذه موضحة على أن الغيب كله لله جل في علاه.
فإذا قيل: لماذا يسمح الله لجني كافر أن يسترق السمع؟ نقول: فتنةً لعباده واختبارًا، اللهم احفظنا من مضلات الفتن يا رب العالمين! فمن زعم حب الله ورضاه، فإن الابتلاء ينزل عليه تترى حتى يظهر صدقه، فالله يبتلي العباد بذلك، فالقبوري مثلًا: يذهب عند القبور ليدعو أصحابها، فيستجيب الله له فتنة له.
فلذلك نقول: بأن الله جل وعلا يختبر عباده، ونسأل الله أن يثبتنا على الحق، فعالم الغيب هو الله جل في علاه، وعلم الله: علم ما كان، وعلم ما يكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون.
7 / 12