وصحت في وجهه: «لماذا سرقت تعاليق الكنيسة؟» - «لست لها بالسارق، إنما أخذتها علنا، وقد فعل مثل فعلي كثير سواي من الرفقاء.» - «إذن فلا بد لك ولسائر هؤلاء الرفقاء أن تردوا كل شيء إلى مكانه، هل تسمع ما آمرك به؟ وإن لم تفعلوا بعثت بكم إلى الشرطة مصحوبين بكل مجرم يناصركم، وشيء آخر، ما دمت ها هنا فلن أسمح بأغنية تهزأ بالعقيدة الدينية تنشد في الطريق العام، هذا مني أمر واجب الطاعة.»
ومضت أيام قلائل بعد ذلك، وذبح الفلاحون ثورا كبيرا، وملحوا لحمه وحفظوه في برادة ليكون طعاما في أيام تالية، فلما أقبل المساء جاءني «شاداي» ينبئني أن جزءا من اللحم قد سرقه سارق، فدعوت كاراس إلى الحضور من محطة الجرارات الآلية، وقبل أن يعاونني في الأمر، فانتظرنا جميعا حتى انتصف الليل أو كاد، وعندئذ حمل «شاداي» و«كاراس» بندقيتين من بنادق الصيد وحملت أنا مسدسا، وكان لكل منا شيء من الحدس النافذ عمن عسى أن يكون السارقون، واعتزمنا أن نتابع البحث في غير إبطاء.
قلت: «لنقف في عرض الطريق فنصطحب «كوبزار» كاتم السر، فلا بد له أن يكون عالما بما يقع في منطقته.»
كانت داره معتمة، وطرق الباب «شاداي» فلما لم نسمع جوابا دفعه بيده، وهنا فوجئنا بأصوات، فدخلت الدار وأضأت مصباحا يدويا معي، فصاحت امرأة، وأدرت ضوء المصباح نحوها، فرأيت شابة عارية من رأسها إلى قدمها، رأيتها تحاول أن تستر وجهها برداء، وأخذت تصيح فزعة، ثم خرجت على هذا النحو مسرعة من الدار حيث يسترها ظلام الليل.
أضأت مصباحا كان على المنضدة، فرأيت زجاجة من شراب الفودكا وإلى جانبها رأيت كأسين وقطعة كبيرة من الشواء، وكان «كوبزار» جالسا على السرير وقد أوشك جسمه أن يكون عاريا عما يستره، منفوش الشعر مأخوذا، ورأيت في إناء خشبي على أحد المقاعد قلب ثور كبير.
سألته: «أنى لك هذا اللحم؟»
قال: «اشتريته ... من الدكان التعاوني ... ولك أن تحقق صدق ما أقول.» - «سأفعل بلا تردد، هيا معي يا رفيقي، ولنتركه حتى يفرغ من طعامه، بما فيه من قلب الثور الذي أرى.»
سار «شاداي» أمامنا وتبعناه في طريقنا إلى أعلى التل حيث دار في أطراف القرية وكانت تلك الدار - فيما روى الناس - مقر «العربة» التي كان يتحدث بها الفلاحون حديث الممرور، ومشينا في حذر وصمت حتى دنونا من الدار، ونظرت خلال كسر في شيش النافذة إلى غرفة كبيرة، فرأيت منضدة قد أثقلتها حمولة من الزجاجات واللحم وألوان الخضر، كما رأيت رجالا ونساء تلاقوا كما يتلاقى العاشقون، ثلاثة رجال هم: مدير الدكان التعاوني ووكيله والطحان، وثلاثة نساء على درجات متفاوتة من العري.
وقف «كاراس» عند الباب الأمامي، ووقف «شاداي» عند الباب الخلفي، ونقرت أنا على النافذة.
فصاح صائح في فزع: «من الطارق؟» - «أنا ممثل الحكومة الرسمي، افتح توا وإلا رميتك بالرصاص.»
ناپیژندل شوی مخ